اقتصاد

يوم البيئة الدولي.. مبادرات إماراتية لمكافحة التلوث البلاستيكي بالعالم


تشارك الإمارات، الخميس، العالم الاحتفاء بيوم البيئة العالمي 2025، فيما تواصل جهودها ومبادراتها للحفاظ على البيئة محليا ودوليا.

ويُعد يوم البيئة العالمي الذي يُشرف عليه برنامج الأمم المتحدة للبيئة ويُحتفل به سنويا في 5 يونيو/حزيران من كل عام منذ عام 1973، أكبر منصة عالمية للتوعية بقضايا البيئة، ويهدف إلى زيادة الوعي والاحتفال بالعمل البيئي.

يحل الاحتفال هذا العام تحت شعار “مكافحة التلوث البلاستيكي”، بهدف حث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة النفايات البلاستيكية، والتوعية بأخطار التلوث البلاستيكي، وبناء زخم شعبي عالمي لرفض البلاستيك، أو تقليص استخدامه، أو إعادة تدويره، أو الترويج لسبل بديلة في التعامل معه، سعياً نحو مستقبل أنظف وأكثر استدامة.
وهي أهداف تبذل الإمارات جهود حثيثة لتحقيقها على الصعيدين المحلي والدولي، عبر مبادرات رائدة تطلقها للحد من التلوث البلاستيكي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التحول نحو بدائل صديقة للبيئة، وتحقيق التنمية المستدامة.
على الصعيد المحلي، اتخذت دولة الإمارات خطوات متقدمة لمعالجة النفايات البلاستيكية والحد من إنتاجها، تكللت بتحقيق إنجازات بارزة في هذا الصدد.
على الصعيد الدولي، وقعت الإمارات عدة اتفاقيات وشراكات مع دول عدة من بينها الفلبين وإندونيسيا والبرازيل لدعم جهودها في مكافحة التلوث البلاستيكي.
وتقوم مؤسسة الأنهار النظيفة، المؤسسة العالمية غير الربحية التابعة لمؤسسة إرث زايد الإنساني، بجهود رائدة في هذا الصدد.
جهود إماراتية تحمل أهمية كبيرة للعالم أجمع نتيجة الخطر التي تشكله النفايات البلاستيكية على البيئة، حيث يُنتَج في العالم سنوياً أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك، يُخصص نصفها تقريباً للاستخدام لمرة واحدة فقط. ومن هذه الكمية الهائلة، لا يُعاد تدوير سوى أقل من 10%.
ويُقدَّر أن ما يقارب 11 مليون طن من البلاستيك ينتهي به المطاف كل عام في البحيرات والأنهار والمحيطات، وهي كمية تعادل تقريباً وزن 2,200 برج إيفل مجتمعة.
أما الجسيمات البلاستيكية الدقيقة — وهي جسيمات لا يتجاوز قطرها 5 مليمترات — تتسلل إلى طعامنا وشرابنا وهوائنا، وتُشير التقديرات إلى أن الإنسان يبتلع سنوياً ما يزيد عن 50,000 جسيم بلاستيكي، ويرتفع هذا الرقم بشكل ملحوظ عند احتساب ما يُستنشق منها.
أما النفايات البلاستيكية المعدّة للاستخدام لمرة واحدة والتي تُلقى أو تُحرَق، فتُخلّف أضراراً جسيمة على صحة الإنسان، وتُهدّد التنوع البيولوجي، وتلوّث جميع النظم البيئية، من قمم الجبال الشاهقة إلى أعماق المحيطات السحيقة.
وتعد النفايات البلاستيكية واحدة من أكبر مصادر تهديد النظام البيئي بأشكاله كافة، نظرا لتأثيرها السلبي على التربة والمحاصيل الزراعية، فضلا عن تسببها في القضاء على ملايين الأحياء البرية والبحرية بما يهدد الأمن الغذائي العالمي.

فعاليات توعوية

وضمن جهودها للاحتفال بيوم البيئة العالمي، تشهد الإمارات عدة فعاليات يتم من خلالها تسليط الضوء على جهود الدولة الحثيثة للحد من التلوث البلاستيكي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التحول نحو بدائل صديقة للبيئة، ضمن توجهها الوطني نحو الاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة.
وتتضمن الفعاليات المقامة بهذه المناسبة تنظيم حملات توعوية، وورش عمل تعليمية، ومبادرات بيئية مجتمعية، بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني، بهدف تحفيز المشاركة الفاعلة في حماية البيئة والحد من البصمة البيئية.

مبادرات ملهمة

على الصعيد المحلي لمكافحة التلوث البلاستيكي، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات، برنامجا متكاملا لرصد النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية والساحلية لدولة الإمارات عن طريق تنفيذ مجموعة من الدراسات العلمية والاستفادة من نتائجها في تعزيز الجهود للحد من انتشار هذه النفايات.
أيضا أصدرت حكومة دولة الإمارات القرار الوزاري رقم 380 لسنة 2022، بتنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الدولة، تضمن تطبيق حظر تام على جميع الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في الدولة، بحلول 2024، والأكياس أحادية الاستخدام الأخرى بحلول 2026.
ويعد القرار أحد الإجراءات الرامية لحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات؛ إذ يحدّ من استهلاكها وينظم إنتاجها واستخدامها، ويحظر استيراد، أو إنتاج، أو تداول أكياس التسوق البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، متضمنة الأكياس القابلة للتحلل.
وفي إطار تفعيل القرار، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة، مطلع العام الجاري “دليل تنظيم المنتجات البلاستيكية والأكياس ذات الاستخدام الواحد”.
ويلعب الدليل دوراً حيوياً في توجيه الشركاء في القطاع الخاص من المنتجين والمستوردين والموزعين وكبار تجار التجزئة والمستهلكين بمن فيهم أفراد المجتمع، نحو تبني ممارسات صديقة للبيئة، عن طريق الاستغناء عن المنتجات البلاستيكية والأكياس ذات الاستخدام الواحد واستبدالها بخيارات مستدامة تسهم في تقليل التلوث البلاستيكي في الدولة.
ويسهم “دليل المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد” في الحد من استهلاك تلك المنتجات وبالتالي خفض كميات البلاستيك التي تتسرب إلى البيئتين البرية والبحرية، ما يسهم في تحسين صحة وسلامة تلك النظم البيئية، من خلال تقليل المخاطر المهددة للكائنات الحية، ويتضمن، مستوعبات الطعام، وأكواب المرطبات، والصحون، وعيدان التحريك، والماصات، وأدوات المائدة (الملاعق والشوك والسكاكين وعيدان الأكل)، وكذلك الأكياس ذات الاستخدام الواحد مهما كانت المواد المصنوعة منها، ويستعرض بدائل المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد التي تم حظرها بموجب القرار.


جائزة إعادة التدوير

وبالتزامن مع الاحتفال بيوم البيئة العالمي، احتفلت مجموعة عمل الإمارات للبيئة، قبل يومين، بالدورة الثامنة والعشرين من جائزة الإمارات لإعادة التدوير.
ودعت حبيبة المرعشي، المؤسس والرئيس التنفيذي للمجموعة، في كلمتها خلال الحفل، إلى التزام جماعي بإدارة النفايات لحماية البيئة، مؤكدة أن التحول البيئي يبدأ بأفراد واعين ومتحدين.
وأوضحت أن المجموعة جمعت خلال العام الماضي نحو مليون و524 ألفا و769 كيلوغرامًا من النفايات القابلة لإعادة التدوير من أنحاء الدولة، أُرسلت جميعها لمصانع محلية، وشملت 32 ألفا و833 كجم من علب الألمنيوم، ومليونا و173 ألفا و494 كجم من الورق، و131 ألفا و468 كجم من البلاستيك، و149 ألفا و668 كجم من الزجاج، و14 ألفا و28 كجم من النفايات الإلكترونية، إضافةً إلى آلاف القطع من أحبار الطابعات والهواتف والخردة المعدنية.
وأكدت المرعشي، في تصريح صحفي أن الجائزة شهدت هذا العام ارتفاعًا بنسبة 25% في عدد المشاركين مقارنة بالعام الماضي، مشيرةً إلى أن هذه الزيادة تعكس وعي المجتمع المتنامي بأهمية إعادة التدوير ودوره المحوري في دعم الاقتصاد الدائري.
وقالت إن الجائزة، التي تنظم سنويًا بالتزامن مع يوم البيئة العالمي، تكرّم جهود المدارس والعائلات والقطاعات الحكومية والخاصة في فرز المواد القابلة لإعادة التدوير، مؤكدة أن البرنامج يرسّخ ممارسات مستدامة تسهم في تحويل المؤسسات من مستهلكة إلى محافظة على الموارد.
وأضافت أن المواد التي تجمع وتشمل الورق، والبلاستيك، والمعادن، والزجاج، تُرسل إلى مصانع وطنية لإعادة تدويرها داخل الدولة، ما يحد من استنزاف الموارد الطبيعية ويُسهم في تقليل انبعاثات الكربون، دعمًا لإستراتيجية الدولة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وأعلنت المجموعة نتائج الفائزين بجوائز الحملات البيئية، حيث حازت كليات التقنية العليا – الفجيرة، جائزة جمع الألمنيوم فئة المؤسسات الأكاديمية، ومدرسة جيمس مودرن أكاديمي، جائزة جمع الورق، ومدرستنا الثانوية – دبي، جائزتي جمع البلاستيك والهواتف المحمولة، ومدرسة دلهي الخاصة – دبي، جائزة النفايات الإلكترونية، ومدرسة سلطان بن زايد – العين، جائزة جمع الخردة المعدنية.
كما تم تكريم أفراد وشركات رائدة مثل شركة الإمارات لتموين الطائرات، ودائرة المالية – أبوظبي، وشركة بيسكس كونستركت، وشركة أبيلّا وشركاه، ومركز دبي التجاري العالمي.

مبادرات إماراتية ملهمة لمكافحة التلوث البلاستيكي بالعالم

مبادرات دولية

على صعيد مبادراتها الدولية للحد من التلوث البلاستيكي، أبرمت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الفلبين، فبراير/ شباط الماضي شراكة إستراتيجية لإحياء نهر باسيج، المجرى المائي الحيوي في مانيلا، وذلك تحت إشراف مؤسسة إرث زايد الإنساني.
 وتركز هذه الشراكة على تنفيذ حلول وقائية وتصحيحية لإعادة تأهيل النهر، إلى جانب خلق فرص اجتماعية واقتصادية للمجتمعات المحلية المحيطة به.
وفي هذا السياق، أعلنت مؤسسة الأنهار النظيفة، المؤسسة العالمية غير الربحية التابعة لمؤسسة إرث زايد الإنساني، التزامها بتقديم ما يصل إلى 20 مليون دولار لدعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين نوعية الحياة للمجتمعات المعتمدة على نهر باسيج، بالإضافة إلى تعزيز الحلول التي يقودها الاقتصاد الدائري لمنع تسرب النفايات واستعادة النهر إلى وضعه الطبيعي.
وتتوافق هذه الشراكة مع الخطة الوطنية الفلبينية التي تهدف إلى تقليل النفايات البحرية بنسبة 50% بحلول عام 2030، وتحقيق “صفر نفايات بلاستيكية” بحلول عام 2040، ما يعكس التزام الفلبين بالتحول نحو نموذج بيئي أكثر استدامة.
ويُعد نهر باسيج شريانا اقتصاديا وبيئيا رئيسيا للفلبين، لكنه شهد تدهورا ملحوظا في العقود الأخيرة بسبب التوسع الحضري والتصنيع وسوء إدارة النفايات؛ ومن خلال هذا التعاون، تسعى مؤسسة “الأنهار النظيفة” إلى تحويله إلى نموذج رائد لاستدامة الأنهار على المستوى العالمي.
وفي الشهر نفسه، أعلنت مؤسسة “الأنهار النظيفة” العالمية غير الربحية، توقيع اتفاقية لتمويل أول نظام شامل لإدارة النفايات في منطقة بانيووانجي، شرق جاوة بإندونيسيا.
وبموجب الاتفاقية، ستتعاون المؤسسة مع برنامج “بروجيكت ستوب”، المبادرة المشتركة بين شركتي “بورياليس” و”سيستاميك”، لتمويل المرحلة الثالثة من مشروع “بروجيكت ستوب بانيواجي هيجاو”.
ويشمل المشروع تطوير البنية التحتية لإدارة النفايات، وتعزيز إعادة تدوير البلاستيك، وتحسين إدارة المواد العضوية، إضافة إلى برامج توعية لتغيير السلوك وبناء القدرات.
ويهدف المشروع إلى تقليل تسرب النفايات إلى الأنهار والبيئات البحرية عبر توفير خدمات إدارة النفايات المستدامة لأكثر من 850 ألف شخص، كما يسهم في خلق ما يصل إلى 1000 وظيفة جديدة في قطاع إدارة النفايات بإندونيسيا.
وكانت مؤسسة “الأنهار النظيفة”، وقعت اتفاقية تعاون وشراكة استراتيجية في سبتمبر/ إيلول الماضي، مع مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العاصمة جاكرتا، بهدف الحد من تلوث الأنهار في جمهورية إندونيسيا.
وأكد الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية.. التزام دولة الإمارات بالحد من تأثيرات التلوث على المستويين المحلي والعالمي، اتساقاً مع تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، خاصةً في مجال التخلص من التلوث البلاستيكي في الممرات المائية.
وتهدف هذه الشراكة إلى إزالة 5 آلاف طن من النفايات البلاستيكية سنوياً من على ضفاف ستة مناطق نهرية، عبر تطبيق الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث التلوث مستقبلاً مثل ترسيخ مبدأ إعادة التدوير، الذي سيتم تنفيذه على مدى السنوات الثلاث القادمة.
وبموجب هذه الشراكة، ستقوم مؤسسة “الأنهار النظيفة” بتقديم التمويل اللازم إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمويل هذا المشروع، حيث يعد هذا التبرع جزءاً من مبلغ العشرين مليون دولار أمريكي الذي تعهدت دولة الإمارات بتقديمه دعماً منها للجهود التي تقوم بها الحكومة الإندونيسية لحل مشكلة التلوث البلاستيكي، وهو ما يأتي في إطار اتفاقية الشراكة التي تم توقيعها بين مؤسسة “الأنهار النظيفة” وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على هامش منتدى إندونيسيا الدولي للاستدامة 2024 .

مبادرات إماراتية ملهمة لمكافحة التلوث البلاستيكي بالعالم



ومن إندونيسيا، إلى البرازيل، حيث أعلنت مؤسسة “إرث زايد الإنساني” مطلع العام الجاري تنفيذها عدداً من المبادرات البيئية والمجتمعية في جمهورية البرازيل الاتحادية بقيمة 40 مليون دولار.
وستنفذ مؤسسة “إرث زايد الإنساني” المبادرات من خلال المؤسسات والجهات التابعة لها، والتي تشمل مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، وصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، والتعاون مع “مؤسسة الأنهار النظيفة المحدودة”، وبالشراكة مع نظيراتها من المؤسسات البرازيلية المعنية في المجالين البيئي والمجتمعي، مع التركيز على دعم السكان الأصليين في منطقة الأمازون، و”برنامج معالجة التلوث البلاستيكي في نهر الأمازون”، والبرنامج الإماراتي لزراعة (10,000) فسيلة نخيل وتدريب المزارعين في ولاية باهيا، إضافة إلى تقديم الخبرة الفنية لحماية التنوع البيولوجي الغني في البرازيل والنظم البيئية الحيوية لدعم ما يُعرف باسم “مرفق الغابات الاستوائية إلى الأبد” وهو مبادرة برازيلية أعلنت خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) للحفاظ على الغابات المطيرة الاستوائية في العالم، بتكلفة إجمالية تصل إلى 250 مليار دولار.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى