اقتصاد

أركان الحج الأربعة.. محطات لا تكتمل الفريضة دونها


الحج ركن من أركان الإسلام، لا يؤدّيه المسلم في الغالب إلا مرة واحدة في حياته متى توافرت شروط الاستطاعة.

ثبت عن جمهور العلماء أن للحاج أربعة أركان رئيسية لا يصح النسك إلا بها، ولا يجبر ترك أحدها بفدية أو دم، سواء كان الترك عمدًا أو سهوًا. هذه الأركان تُشكّل الهيكل الأساسي لهذه الشعيرة العظيمة، ولكل واحد منها موقعه الخاص في زمن ومكان المناسك، ودلالاته الروحية العميقة التي تنقل الحاج من حال إلى حال.

الإحرام: انطلاقة النية نحو الحرم

الإحرام هو مفتاح الحج وبدايته، ويُقصد به نية الدخول في النسك، وهي ما يُميّز أفعال الحج عن غيرها. يبدأ الحاج بالإحرام من أحد المواقيت المكانية المحددة التي أشار إليها النبي محمد ﷺ، أو ما يوازيها جغرافيًا. يعلن المسلم نيته بقوله: “لبيك حجًا”، ويرفع صوته بالتلبية: “لبيك اللهم لبيك…”. ومن تلك اللحظة، يدخل في حرمة النسك، فيمتنع عن محظورات الإحرام كاستعمال الطيب، وقص الشعر، وقلم الأظفار. يلبس الرجال الإزار والرداء غير المخيطين، في حين لا يُشترط للنساء زيّ مخصوص.

الوقوف بعرفة: الركن الذي لا يُعوّض

يوم التاسع من ذي الحجة/آب، يقف الحجاج على صعيد عرفات، فيما يُعرف بأنه الركن الأعظم للحج، لقول النبي ﷺ: “الحج عرفة”. يبدأ وقت الوقوف من زوال شمس اليوم التاسع حتى طلوع فجر يوم العاشر، أي يوم النحر. ويكفي للحاج أن يقف جزءًا من هذا الوقت، ولو لحظة واحدة، ما دام داخل حدود عرفة، سواء كان واقفًا أو جالسًا أو حتى مارًّا. ومن لم يدرك الوقوف في هذه الساعات، فقد فاته الحج، مهما أتى بسائر الأعمال.

طواف الإفاضة: دورة العودة إلى البيت

بعد المبيت في مزدلفة، يؤدي الحاج طواف الإفاضة، وهو الركن الثالث من الحج. يمكن أداؤه في يوم العيد أو تأجيله إلى ما بعد أيام التشريق. يطوف الحاج حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط، يبدأها من الحجر الأسود ويختم بها، متّبعًا شرط الطهارة وستر العورة، وأن يكون الطواف داخل حدود المسجد الحرام. سُمّي بطواف الإفاضة لأنه يقع بعد الإفاضة من عرفة ومزدلفة إلى مكة، ويُعرف كذلك بطواف الزيارة.

السعي بين الصفا والمروة: مشهد الاقتداء والرجاء

يؤدى السعي بين الصفا والمروة بعد طواف صحيح، وهو الركن الرابع من أركان الحج، ويجوز تأخيره عند الحاجة. يبدأ الحاج السعي من الصفا وينتهي بالمروة، سبعة أشواط تُحيي في القلب ذكرى سعي هاجر بحثًا عن الماء لابنها إسماعيل عليهما السلام. يُستحب أثناء السعي الإكثار من الدعاء والذكر، استحضارًا لقيم الاجتهاد والتوكل.

بهذه المحطات الأربع، يكتمل بناء الحج، وتقوم به شعيرة لا تُجزئ بغيرها، قائمة على النية، والوقوف، والطواف، والسعي، مجتمعة في منظومة عبادية تحرك الجسد والوجدان معًا، وتُعبّر عن الانقياد لله بأعلى درجات التجرد والطاعة.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى