اقتصاد

خلاف ترامب وماسك يهدد برامج ناسا والبنتاغون


يشكّل الشقاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورجل الأعمال إيلون ماسك، تهديدا خطيرا لبرامج وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات الأمريكية.

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، لم يعد الخلاف مجرد نزاع شخصي بين ملياردير نافذ والرئيس، بل تحوّل إلى أزمة محتملة تمسّ العمود الفقري لبعض أهم مشاريع وكالة الفضاء “ناسا” ووزارة الدفاع الأمريكية نظرًا لاعتماد هذه الوكالات المتزايد على شركة “سبيس إكس” التابعة لماسك في مجالات حيوية تتراوح بين محطة الفضاء الدولية إلى جمع المعلومات الاستخباراتية.

وكان تهديد إيلون ماسك – الذي تراجع عنه لاحقًا – بوقف استخدام وكالة ناسا لمركبة “دراغون” الفضائية التابعة لسبيس إكس، سيمثّل ضربة كبيرة للوكالة، حيث كان سيحرمها من الوسيلة الأمريكية الوحيدة القادرة على نقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، مما سيغير بشكل جذري طريقة وصول ناسا إلى المختبر الفضائي الذي تبلغ تكلفته 100 مليار دولار في المدار.

جاء تهديد ماسك ردا على هجوم ترامب على منصته “تروث سوشال”، حيث دعا إلى “وقف الدعم الحكومي لشركات ماسك وإلغاء العقود الحكومية مع شركاته” واصفًا إياها بطريقة سهلة لتوفير “مليارات ومليارات الدولارات”.

ولم توضح ناسا، عبر متحدثتها بيثاني ستيفنز، خطتها البديلة في حال تنفيذ التهديد، مؤكدة فقط على استمرار العمل لتحقيق أهداف الرئيس في الفضاء.

وتعد مركبة “دراغون” مجرد جزء من نسيج الاعتماد الواسع للحكومة الأمريكية على شركة سبيس إكس. فمنذ عام 2014، عندما مُنحت عقود نقل أطقم رواد الفضاء مع “بوينغ”، أصبحت “سبيس إكس” المزود الوحيد الفعلي منذ 2020 بعد فشل مركبة “بوينغ”؛ “ستارلاينر” المتكرر.

وشكلت شركة “سبيس إكس”، على مدار السنوات الماضية، شريكًا حيويًا للعديد من الوكالات الفيدرالية الأمريكية، بما في ذلك وكالة ناسا والبنتاغون ووكالات الاستخبارات.

وأطلقت الشركة العديد من الأقمار الصناعية الحساسة التي تلعب دورًا مهمًا في الأمن القومي، مثل أقمار الإنذار المبكر التي ترصد الصواريخ، وأنظمة الاتصالات الميدانية، وكذلك الأقمار التي توجه الأسلحة بدقة نحو أهدافها.

هذا الاعتماد الكبير على خدمات “سبيس إكس” يجعل أي قطع للعلاقات معها يشكل تهديدًا خطيرًا لبرامج الفضاء الأمريكية ولقدرات الدفاع الوطني.

وكانت وكالة ناسا قد منحت في عام 2014 عقودًا لكل من “سبيس إكس” و”بوينغ” لتطوير مركبات لنقل الطواقم إلى محطة الفضاء الدولية.

ومنذ عام 2020، تعتمد ناسا على مركبة دراغون في نقل رواد الفضاء، في حين واجهت “بوينغ” مشاكل متكررة مع مركبة “ستارلاينر”، التي شهدت أول رحلة مأهولة تجريبية فاشلة، مما دفع ناسا إلى الاعتماد مجددًا على “سبيس إكس” لنقل الطواقم. ومنذ ذلك الحين، لم تقدم “بوينغ” تحديثات واضحة حول موعد جاهزية مركبتها للرحلات المستقبلية.

وإلى جانب مركبة دراغون، تستثمر ناسا أيضًا مبلغ 4 مليارات دولار في تطوير صاروخ “ستارشيب” التابع لـ”سبيس إكس”، الذي من المتوقع أن يلعب دورًا رئيسيًا في برنامج “أرتيميس” للهبوط على سطح القمر، مما يعكس الثقة الكبيرة في قدرات الشركة على المدى الطويل.

وتتسع تداعيات الخلاف بين ترامب وماسك لتشمل مجالات أخرى. ففي نهاية الأسبوع الماضي، سحب ترامب ترشيح جاريد آيزاكمان لمنصب مدير ناسا. آيزاكمان، وهو ملياردير ورائد أعمال سافر مع “سبيس إكس” مرتين، كان قد حظى بدعم قوي من ماسك.

وأشار آيزاكمان في مقابلة إلى أن علاقته بماسك ربما كلفته المنصب قائلاً: “يبدو أن هناك من أراد تصفية حسابات، وكنت هدفًا ظاهرًا مناسبًا.”

كما أشار مسؤولون في مجال الفضاء إلى أن الخلاف بين ترامب وماسك أثر على السياسة الوطنية، حيث من المتوقع أن يوافق البيت الأبيض على تغييرات كبيرة في ميزانية ناسا قد تضر بمصالح “سبيس إكس”.

ففي البداية، اقترح البيت الأبيض إلغاء برنامج نظام الإطلاق الفضائي (SLS) المكلف والذي تجاوز موعده المقرر، بالإضافة إلى مركبة “أوريون” التي كانت ستستخدم في إرسال رواد الفضاء إلى القمر.

وكان المتوقع أن يؤدي هذا الإلغاء إلى استفادة كبيرة لشركات الفضاء التجارية مثل “سبيس إكس”، التي تسعى لتوفير وسائل نقل بديلة لوكالة ناسا.

لكن مجلس الشيوخ الأمريكي أعاد تمويل هذه البرامج، بما في ذلك تخصيص 4.1 مليار دولار لنظام الإطلاق الفضائي، في خطوة كان من المتوقع أن تثير صراعًا بين الكونغرس والبيت الأبيض. ولكن التوترات بين ترامب وماسك، تعزز الاحتمالات بأن يوافق البيت الأبيض على هذه التعديلات.

وفي حال تنفيذ تهديدات ترامب بإلغاء عقود “سبيس إكس”، قد تواجه ناسا والبنتاغون صعوبات جمة في مواصلة برامجها الفضائية والأمنية الحيوية، إذ لا توجد شركات أخرى في الوقت الحالي قادرة على تقديم الخدمات التي توفرها “سبيس إكس” بنفس الكفاءة والموثوقية.

كما أن قطع هذه العقود قد يؤثر سلبًا على تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي مثل نظام القبة الحديدية.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى