السيادة ومواجهة الإرهاب.. بونتلاند الصومالية تسير على حبل مشدود
في تطور لافت، حصلت ولاية بونتلاند الصومالية على مقاتلات، ما جعلها على حبل مشدود بين مقتضيات السيادة المركزية وجهود مكافحة الإرهاب.
وتسارعت جهود بونتلاند في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، الذي حاول توفير موطئ قدم في البلد الذي يعاني أصلًا من حركة الشباب الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة.
وفي إطار الحرب على الإرهاب، حصلت الولاية على طائرات حربية متطورة، مخصصة للاستطلاع وتنفيذ غارات جوية دقيقة، لكن الخطوة تنذر بإعادة تعريف العلاقة بين الولايات الفيدرالية والحكومة المركزية، وتفتح الباب أمام جدل دستوري متجدد حول حدود الصلاحيات العسكرية.
وحصلت بونتلاند على طائرات استطلاع وهجوم خفيف لإسنادها في معركتها ضد الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش في مرتفعات باري، بدعم وتدريب من شركاء دوليين، لتؤسس نموذجًا محليًا أكثر فاعلية في استباق التهديدات ومواجهتها، وفق إعلام صومالي محلي.
وبحسب مصدر مطّلع، يُقدَّر عدد الطائرات بأربع، هبطت منها اثنتان في مدينة بوصاصو، وجاءت كدعم لوجستي ومعلوماتي من الولايات المتحدة، ما يعكس حجم الثقة الإقليمية والدولية في قدرة بونتلاند على لعب دور فاعل في مكافحة الإرهاب، فضلًا عن أنها تأتي في إطار استعدادات للمشاركة في “عملية عسكرية” جارية ضد تنظيم داعش في منطقة باري الجبلية، وذلك بعد تدريب عناصر مختارة من قوات أمن بونتلاند على تشغيل هذه الطائرات.
ويرى محللون أن تسليح بونتلاند الجوي قد يشكّل نموذجًا لتطوير القدرات المحلية في إطار الفيدرالية التعاونية، حيث تتمكن الولايات من لعب أدوار أمنية أكثر فاعلية دون تقويض سلطة الحكومة المركزية.
ويقول آدم جبريل، باحث ومحلل سياسي في الشأن الأفريقي، إن هذه الخطوة المتقدمة تعكس ثقة متزايدة ببونتلاند من قبل قوى دولية في مواجهة التهديدات الإرهابية من التنظيمات المختلفة بالصومال.
وأضاف في حديث لـ”العين الإخبارية” أن هذه التجربة ستسهم في تخفيف العبء الأمني عن مقديشو، مع الحفاظ على التنسيق المشترك في ملفات الإرهاب، فضلًا عن تحسين قدراتها الاستخباراتية واللوجستية، مما يجعلها فاعلًا أساسيًا في الحرب ضد الجماعات المتطرفة.
وبحسب جبريل، فإن هذه الخطوة قد تُشجّع ولايات أخرى على بناء قدراتها الدفاعية ضمن الأطر القانونية، ما يعزز من مفهوم الأمن الشامل متعدد المستويات، ويقلّص من الاعتماد المُفرِط على القوات الفيدرالية في كل المناطق، وهو ما يُعدّ تطورًا إيجابيًا في مشهد أمني هش ومتقلب.
ورغم وجود مخاوف من التوتر، يرى بعض الخبراء أن هذه الخطوة قد تدفع الحكومة الفيدرالية إلى فتح قنوات حوار جديدة مع بونتلاند، لإعادة النظر في ترتيبات تقاسم الصلاحيات الأمنية والعسكرية، وبذلك قد تُسهم في بلورة نموذج جديد لتقاسم السلطة أكثر واقعية ومرونة في ظل التحديات الأمنية المتنامية.
في المقابل، يرى زكريا إبراهيم، الباحث في القرن الأفريقي، أن حصول بونتلاند على طائرات حربية بشكل مستقل، خارج إطار المنظومة الدفاعية الوطنية، قد يكون مؤشرًا على مسار مقلق نحو عسكرة الولايات، ويضيف في حديث لـ”العين الإخبارية” أن هذا التطور ينذر بظهور كيانات شبه مستقلة ذات طابع عسكري.
وأوضح الباحث أن امتلاك بونتلاند لطائرات استطلاع حربية قد يفتح الباب أمام سباق تسلّح فيدرالي بين الولايات، في ظل الانقسامات السياسية الحالية، وبدلًا من تقوية الدولة، تُضعف هذه الخطوة الهيكل المؤسسي للدولة.
وبحسب مراقبين، فإن هذا التطور سيُنظَر إليه إقليميًا على أنه يعكس تحوّلًا في استعداد بعض الولايات الصومالية لتحمّل مسؤولية أمنها ومحيطها، في وقت تواجه فيه دول القرن الأفريقي تحديات أمنية متزايدة، وبينما يبقى النجاح مرهونًا بقدرة بونتلاند على استخدام هذه القوة بشكل منضبط ومتوازن مع سياسات الحكومة الفيدرالية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز