اقتصاد

هرولة بورتسودان لكوريا الشمالية.. مأزق جيوسياسي يفاقم أدلة الانتهاكات


البحث عن سلاح يعوض الإخفاقات الميدانية ولو في أحضان نظام معزول دوليا، دفع حكومة بورتسودان إلى الهرولة لكوريا الشمالية.

خطوة يراها مراقبون تصعيدا سياسيا يائسا قد يُدخل السودان في نفق أشد ظلمة، حيث يتقاطع الفشل العسكري مع تراكم أدلة الانتهاكات، ليُفاقم العزلة الدولية ويزيد من معاناة شعب أنهكته الحرب وخذلته الخيارات.

  • سفير السودان لدى الإمارات يكشف لـ«العين الإخبارية» مصير السفارة ويوجه صفعة لحكومة بورتسودان
  • مسيرات «الدعم السريع» تُربك الجيش.. والصين تدعو رعاياها لمغادرة السودان

وقبل يومين، أفادت تقارير إعلامية سودانية، بأن إبراهيم ياسين، وزير الدفاع في حكومة بورتسودان التي يقودها الجيش، قد غادر إلى كوريا الشمالية في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها لمسؤول سوداني.

وكشفت مصادر مطلعة لـ”العين الإخبارية” أن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، لا سيما في مجالات التصنيع الحربي وتطوير منظومات الدفاع الجوي والصواريخ.

زيارةٌ يضبط مراقبون توقيتها على عقارب الانهيار المتسارع للتحالف العسكري مع “إيران”، ويقولون إن سلطة بورتسودان وجدت نفسها في مأزق جيوسياسي خطير، دفعها للارتماء في أحضان نظام كوريا الشمالية المنبوذ دوليا.

ووصف محللون سياسيون تحدثت معهم “العين الإخبارية” حول دلالات هذه الخطوة، الزيارة بأنها “بمثابة فشل استراتيجي، يعكس عجزا في إدارة الأزمات، ويعزز من مؤشرات التورط في مسارات متطرفة، من شأنها تعميق الأزمة الإنسانية في السودان وفتح الباب أمام مزيد من العقوبات الدولية”.

كما أنها تعكس فشلًا ذريعًا لحكومة بورتسودان في إدارة الأزمة، في مؤشر على انزلاق السلطة نحو المزيد من السياسات المتطرفة، في مسعى يائس للبحث عن دعم عسكري، حتى وإن كان من نظام منبوذ دوليًا ومتورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب. وفق مراقبين.

معضلة التسليح والخيار المعزول

الصحفي والمحلل السياسي السوداني وائل محجوب، أشار في حديث لـ«العين الإخبارية» إلى أن السلطة في بورتسودان تواجه معضلة حقيقية في ملف التسليح بسبب القيود الدولية، لا سيما تلك المفروضة منذ أزمة دارفور، والتي نتج عنها حظر على واردات السلاح بموجب قرارات مجلس الأمن.

وقال محجوب: «السلطة تحاول تجاوز هذا الحصار المعقد”، لافتا إلى أن هذه الخلفية “تفسر التحرك المفاجئ نحو كوريا الشمالية، رغم ما قد يترتب عليه من تعقيدات سياسية ودبلوماسية، لا سيما في ظل العقوبات الأمريكية الأخيرة التي طالت شخصيات نافذة في ملف التصنيع العسكري”.

وأضاف أن «إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عن تحول عقيدة الجيش من دفاعية إلى هجومية، يكشف بوضوح أن خيار اللجوء إلى كوريا الشمالية يهدف إلى الحصول على سلاح نوعي أملا في قلب موازين المعركة، خصوصًا في مواجهة منظومات الدفاع التابعة لقوات الدعم السريع».

 الإمارات.. شفافية مقابل فوضى تحالفات بورتسودان

في هذا السياق، استهجن المدوّن الإماراتي محمد الجابري، توجه سلطة بورتسودان نحو بيونغ يانغ، في وقت تستمر فيه باتهام دولة الإمارات زورًا بالتدخل في الصراع السوداني.

وقال الجابري على حسابه في إكس: «شتان ما بين موقف دولة الإمارات وموقف سلطة بورتسودان».

ولفت إلى البيان الإماراتي الصادر يوم أمس، والذي نفت فيه الدولة بشكل شفاف مزاعم «أمنستي» بشأن مدافع AH-4، وأكدت التزامها الصارم بنظام رقابة على الصادرات، مع سجل نقي في تقارير الأمم المتحدة، ولا تقدم أي دعم عسكري لطرفي النزاع.

وأضاف: «دولة الإمارات تواصل إرسال المساعدات الإنسانية والدعوة لحكومة مدنية مستقلة، بينما تتجه سلطة بورتسودان، بعد فشل تحالفها مع إيران، إلى كوريا الشمالية”.

واستطرد: «الفرق واضح: من يسعى للسلام، ومن يغرق في تحالفات الفوضى التي تزيد من عزلة السودان ومعاناة شعبه”.

ويوم أمس، نفت الإمارات مزاعم سودانية جديدة بشأن دور مزعوم في القتال الدائر في البلد العربي الأفريقي منذ 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون الأمنية والعسكرية، في بيان نشره حساب وزارة الخارجية على منصة إكس، إن دولة الإمارات العربية المتحدة اطلعت على تقرير مضلل نشرته منظمة غير حكومية، يتضمن ادعاءات حول وجود أنظمة مدفعية هاوتزر AH-4 في السودان.

وشدد في هذا السياق على أن دولة الإمارات تؤكد رفضها القاطع لهذه الادعاءات التي تزعم تزويدها لأي طرف من أطراف النزاع الدائر في السودان بالسلاح، وأن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى أي أدلة موثقة.

توقيت مشحون

وتأتي زيارة وزير دفاع حكومة بورتسودان إلى كوريا الشمالية، في لحظة حرجة، تشهد فيها الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تصعيدًا غير مسبوق، خصوصًا بعد سلسلة من الهجمات بالطائرات المُسيّرة التي استهدفت مواقع استراتيجية شرقي البلاد، موقعة خسائر جسيمة في العتاد والمخزون العسكري للجيش.

وبحسب مصادر مطلعة لـ«العين الإخبارية»، فإن الهجمات الأخيرة أسفرت عن احتراق طائرة عسكرية من طراز «إليوشن» في قاعدة عثمان دقنة الجوية ببورتسودان، كانت قد وصلت من إيران محملة بكميات من الأسلحة المتنوعة، بما في ذلك متفجرات وصواريخ موجهة، وهو ما لم تؤكده أو تنفه طهران.

كما تم تدمير طائرتين حربيتين من طرازي «سوخوي» و«ميغ»، إحداهما كانت قيد الصيانة، إضافة إلى تفجير خزانات وقود الطيران في القاعدة.

 الدعم “الإيراني”

ويرى مراقبون أن هذه الضربات المباغتة مثلت ضربة موجعة للجيش السوداني، وأجهضت أوهام «الحسم العسكري» التي كانت تروج لها قيادة الجيش وحلفاؤها من تنظيم الإخوان، أملاً في أن يحسم الدعم الإيراني الأخير المعركة لصالحهم.

وفي فبراير/شباط 2023، ذكرت وكالة «بلومبرغ» نقلاً عن مسؤولين غربيين، أن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات مسيرة من نوع «مهاجر 6»، المجهزة للمهام الهجومية والاستطلاعية.

ووفقًا للتقارير، فقد التُقطت صور من أقمار صناعية لطائرات «مهاجر 6» الإيرانية في قاعدة وادي سيدنا شمالي أم درمان، الخاضعة لسيطرة الجيش.

وكانت الطائرات قد وصلت إلى السودان عبر شحنات تم تصنيعها بواسطة شركة «القدس» الإيرانية للصناعات الجوية، ومزودة بذخائر موجهة، بحسب المصدر.

وفي هذا السياق، عبّر السفير الأمريكي السابق لدى السودان، جون جودفري، عن «قلق بالغ» إزاء هذه العلاقة، مؤكدًا أن الدعم الإيراني للجيش السوداني «مزعج للغاية»، في تصريحات له قبيل مغادرته الخرطوم في مارس/آذار 2024.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى