بريطانيا تعتزم حبس استثمارات «صناديق التقاعد».. خطة تثير الغضب
تستعد الحكومة البريطانية لمنح نفسها صلاحيات جديدة تُتيح لها إلزام صناديق التقاعد بالاستثمار في الشركات البريطانية والبنية التحتية المحلية، في حال عدم التزامها بالأهداف المحددة في اتفاق استثماري طوعي من المقرر الإعلان عنه خلال أيام.
ووفقا لتقرير لمجلة “ذا تايم” تقود وزير المعاشات تورستن بيل مراجعة توصي بمنح الحكومة خيار فرض الاستثمارات في حال عدم تحقيق الالتزامات الطوعية، وفقاً لمصدر مقرب من الحكومة. ومن المقرر نشر نتائج هذه المراجعة في وقت لاحق من شهر مايو/أيار.
قصر مانشن
المبادرة الجديدة، التي تُعرف باسم اتفاق قصر مانشن (Mansion House Accord)، تشمل أكثر من 15 من كبرى صناديق التقاعد في المملكة المتحدة، من بينها مؤسسات مالية عملاقة مثل “ليغال آند جنرال” (L&G)، “أفيفا”، “فينيكس”، و”M&G”. وتلتزم هذه الصناديق باستثمار ما يصل إلى 10% من أصولها في شركات ذات نمو سريع ومشاريع بنية تحتية.
كما تفرض تخصيص نصف هذه الاستثمارات على الأقل لمشاريع داخل المملكة المتحدة بحلول عام 2030. ويُتوقع أن يُضخّ ما لا يقل عن 25 مليار جنيه إسترليني من صناديق التقاعد في هذه المبادرات. وتعتبر الحكومة هذا الاتفاق خطوة حاسمة لدعم الابتكار وتحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل داخل المملكة المتحدة.
معارضة كبيرة
لكن الاتفاق أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط المالية في مدينة لندن، حيث عبّر بعض الخبراء عن قلقهم من أن يُشكّل فرض استثمارات في قطاعات معينة تعارضاً مع “الواجب الائتماني” لصناديق التقاعد، والذي ينصّ على تحقيق أفضل عائد ممكن للمستفيدين.
وقال أحد كبار التنفيذيين في القطاع المالي: “هناك قلق متزايد من أن تؤدي هذه السياسة إلى عوائد أقل لأصحاب المعاشات”. ويعتقد المنتقدون أن الضغوط السياسية لدعم أولويات الحكومة الاقتصادية قد تؤثر سلباً على أداء صناديق التقاعد.
كما تثير خطة التوسع في الاستثمار في الأصول غير المدرجة – مثل الشركات الخاصة ومشاريع البنية التحتية – تساؤلات إضافية، إذ إن هذا النوع من الأصول أقل سيولة من الأسهم المدرجة، ويتطلب رسوماً أعلى للإدارة، ما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف على أصحاب المعاشات.
تصميم حكومي
وعلى الرغم من هذه المخاوف، فإن الحكومة مصمّمة على تشجيع صناديق التقاعد للعب دور أكثر فاعلية في دعم أولويات الاقتصاد المحلي. ويهدف اتفاق قصر مانشن الجديد إلى البناء على اتفاق سابق وقّع في عام 2023، تعهدت فيه صناديق التقاعد باستثمار 5% من أصولها في الأسهم غير المدرجة بحلول عام 2030.
ويقود هذه المبادرة عمدة مدينة لندن، ألاستير كينغ، بصفته رمزاً رسمياً يمثل الحي المالي في لندن. وقد ساهمت مؤسسة مدينة لندن (City of London Corporation) – وهي الهيئة الإدارية للحي المالي – في تنسيق المحادثات بين الحكومة والمؤسسات المالية الكبرى.
ويُعتقد أن عدداً كبيراً من مزودي خدمات التقاعد قد وقعوا على الاتفاق الجديد، إلا أن مشاركة “سكوتيش ويدوز” (Scottish Widows) – المملوكة لبنك لويدز وتُعد من أكبر مزودي المعاشات الافتراضية في أماكن العمل – لا تزال غير مؤكدة، ما يثير تساؤلات نظراً لدورها الكبير في سوق المعاشات البريطاني.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة التوقيع الرسمي على الاتفاق ونشر المراجعة، تتزايد التكهنات حول ما إذا كانت ستُقدِم على تنفيذ “خطة احتياطية تنظيمية” تُمكنها من فرض استثمارات إلزامية إذا لم تُحقق الالتزامات الطوعية النتائج المرجوة. وحتى الآن، امتنعت وزارة الخزانة ومؤسسة مدينة لندن عن التعليق على الاتفاق أو احتمالية فرض استثمارات ملزمة.
ومن المرجح أن تكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت أكبر صناديق التقاعد في المملكة المتحدة ستلتزم طوعاً بأهداف الحكومة، أم أن هناك حاجة لتدخل تشريعي يفرض ضخ استثمارات في قطاعات حيوية للاقتصاد الوطني.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز