أمريكا تجبر شركات ألمانية على وقف «برامج التنوع».. تهديد للنموذج الأوروبي
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، قررت شركة SAP الألمانية العملاقة للبرمجيات إلغاء مجموعة من برامجها الخاصة بالتنوع والاندماج، استجابةً لمرسوم تنفيذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يقضي بتجريم برامج “DEI” (التنوع، والإنصاف، والاندماج).
هذا القرار الذي وصفته صحيفة “ليكو” البلجيكية بـ”الرضوخ الصريح للضغط السياسي الأمريكي”، يعيد فتح النقاش حول مصير القيم الأوروبية داخل الشركات متعددة الجنسيات.
قرار مثير للقلق من SAP
نقلاً عن صحيفة Handelsblatt الألمانية، أكدت SAP في بريد داخلي أنها ستتخلى عن هدفها ببلوغ 40% من النساء في قوتها العاملة. كما ستُلغى سياسة “الكوتة” النسائية في المناصب القيادية داخل الولايات المتحدة، حيث توظف الشركة 17 ألف موظف (16% من إجمالي العاملين)، وسجّلت هناك قرابة ثلث رقم أعمالها لعام 2024.
وبالإضافة إلى ذلك، لن يُؤخذ بعد الآن معيار التنوع الجنسي بعين الاعتبار في نظام المكافآت لأعضاء الإدارة، وسيُدمج قسم التنوع والاندماج في وحدة أخرى، ما يعني فقدانه لاستقلاليته.
وفي بيان رسمي صدر الجمعة، شددت SAP على التزامها بـ”خلق بيئة عمل شاملة”، لكنها أكدت في المقابل ضرورة “الامتثال الكامل للقوانين في كل بلد تعمل فيه”.
ضغوط أمريكية على الشركات الأوروبية
وفق “ليكو”، أكدت غرفة التجارة والصناعة الألمانية (DIHK) أن عدة شركات ألمانية تلقت رسائل مباشرة من السفارة الأمريكية بشأن هذا الموضوع، في رسالة غير مباشرة مفادها: “توقّفوا عن تطبيق برامج التنوع أو واجهوا الملاحقة القانونية”.
في هذا السياق، لم تكن SAP الوحيدة: ففي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت T-Mobile، فرع شركة Deutsche Telekom، تخليها عن معظم سياسات التنوع الخاصة بها في الولايات المتحدة.
تهديد للنموذج الأوروبي
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الفرنسي بول ريفوار، المتخصص في شؤون السياسات الاجتماعية والاقتصادية لدى مركز الدراسات الأوروبي (Centre d’analyse des politiques sociales)، لـ”العين الإخبارية” إن هذه الخطوة تنذر بتراجع خطير لقيم أوروبية تعتبرها القارة “غير قابلة للتفاوض”.
وأضاف ريفوار: “ما يحدث اليوم هو اختبار حقيقي لمدى قدرة الشركات الأوروبية على الصمود أمام الضغوط السياسية الخارجية”.
كما اعتبر أن التخلي عن سياسات التنوع، حتى ولو لأسباب قانونية محلية، يُفقد هذه المؤسسات مصداقيتها الأخلاقية داخل أوروبا، ويبعث برسالة خاطئة مفادها أن الربح المالي أهم من العدالة الاجتماعية”.
ويحذّر ريفوار من أن انتقال هذا التوجّه إلى بلدان أخرى قد يؤدي إلى “تآكل تدريجي للنموذج الاجتماعي الأوروبي”، خصوصًا في ظل سطوة الشركات الكبرى على ديناميات سوق العمل العالمية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز