إنفيديا.. إطلاق «باهت» لشريحة ألعاب «ثورية»
تعتاد الشركات على التفاخر بمنتجاتها الجديدة، خصوصًا في سوق الأجهزة المخصصة للألعاب الإلكترونية الذي يشهد منافسة شرسة.
لكن شركة “إنفيديا”، المتخصصة في تصميم الرقائق الإلكترونية، تتبع نهجًا غير معتاد مع إطلاق بطاقتها الرسومية الجديدة. فبعد غد الاثنين، تستعد إنفيديا لإطلاق بطاقة الرسوميات الجديدة “GeForce RTX 5060″، الموجهة إلى جمهور اللاعبين، إلا أن الضجة المعتادة حول هذه الإصدارات غائبة بشكل لافت هذه المرة.
ووفقا لتقرير لمجلة الايكونوميست، عادةً ما تقوم شركات مثل AMD وإنفيديا بإرسال نسخ مبكرة من بطاقات الرسومات إلى المراجعين والقنوات التقنية على يوتيوب، مما يتيح لهم اختبار الأجهزة ونشر مراجعاتهم بالتزامن مع موعد الإطلاق. لكن في حالة RTX 5060، قررت إنفيديا حجب بعض البرمجيات الأساسية حتى يوم الإطلاق، مما يمنع المراجعين من إعداد تقاريرهم في الوقت المناسب.
ويأتي موعد الإطلاق أيضًا عشية معرض “كمبيوتكس” في تايوان، وهو أحد أبرز المعارض التقنية في العالم، مما قد يؤدي إلى تراجع الاهتمام الإعلامي بالبطاقة الجديدة بسبب انشغال التغطيات بالمعرض.
وبحسب التقرير، فإن هذا التوقيت، إلى جانب قلة الترويج، دفع البعض إلى الاعتقاد بأن إنفيديا تتعمد عدم لفت الأنظار، وهو مؤشر على أن الشركة ليست واثقة تمامًا من استقبال السوق للمنتج الجديد.
وتأتي RTX 5060 في وقت تتزايد فيه الانتقادات من مجتمع اللاعبين، الذين كانوا لفترة طويلة الزبائن الأساسيين لإنفيديا. لكن مع التحول الكبير في أعمال الشركة خلال السنوات الأخيرة، أصبحت إنفيديا نجمًا في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث تحقق أرباحًا ضخمة من بيع رقائق الذكاء الاصطناعي لمراكز البيانات، ما جعل الألعاب مجرد نشاط ثانوي.
انتقادات حادة
وفي هذا السياق، تلقّت بعض المنتجات الحديثة الموجهة للّاعبين انتقادات حادة. فقد وصفت قناة “Hardware Unboxed” الشهيرة على يوتيوب إحدى بطاقات الرسومات بأنها “قطعة خردة”. كما شكا “Gamers Nexus” من مبالغات إنفيديا في الأداء و”التسويق المضلل”، في حين قالت قناة “Linus Tech Tips” إن الشركة “منفصلة تمامًا عن جمهورها”.
وأحد أسباب هذه الانتقادات هو ارتفاع الأسعار. فبسبب قلة المعروض، غالبًا ما تُباع منتجات إنفيديا بأسعار تفوق السعر الرسمي. على سبيل المثال، يبلغ السعر الرسمي لبطاقة RTX 4060 حوالي 299 دولارًا، لكن في مواقع مثل Newegg يُباع أرخص إصدار منها بأكثر من 400 دولار. أما بطاقة RTX 5090 الأعلى أداءً، فسعرها الرسمي 1999 دولارًا، لكنها قد تُباع بأكثر من 3000 دولار في الأسواق.
وعلاوة على الأسعار، تعاني إنفيديا من مشكلات في جودة التصنيع. فقد أفاد بعض المستخدمين بذوبان كابلات الطاقة أثناء الاستخدام في بعض البطاقات عالية الأداء. وفي فبراير/شباط، اعترفت إنفيديا ببيع بطاقات تحتوي على مكونات ناقصة، وقدمت استبدالًا مجانيًا لها. أما بطاقات الفئة المتوسطة مثل RTX 5060، فقد واجهت انتقادات بسبب أدائها المحدود، ما يجعلها غير مناسبة لتشغيل بعض الألعاب الحديثة بكفاءة.
وفي نتائجها المالية الأخيرة، كشفت إنفيديا أن إيرادات قطاع الألعاب تراجعت بنسبة 11% مقارنةً بالعام الماضي. ورغم أن هذا كان سيُعتبر مشكلة خطيرة في السابق، إلا أن الوضع تغير تمامًا. فقد حقق قطاع مراكز البيانات، المدفوع بالطلب الهائل على رقائق الذكاء الاصطناعي، إيرادات قدرها 35.6 مليار دولار في الربع الأخير، أي أكثر من 90% من إجمالي إيرادات الشركة، مقارنة بـ3.6 مليارات فقط قبل عامين.
هذا التحول الكبير في تركيز الشركة جعل اللاعبين يشعرون بأنهم أصبحوا في الهامش. فبينما كانت إنفيديا تُعرف سابقًا بريادتها في مجال الرسوميات والألعاب، بات من الواضح أن أولوياتها تغيرت. ومع الأرباح الهائلة التي تحققها الشركة من الذكاء الاصطناعي، لا يبدو أنها مهتمة كثيرًا بسماع شكاوى جمهور اللاعبين.
إطلاق هادئ
قد يُنظر إلى الإطلاق الهادئ لبطاقة RTX 5060 كدليل على أن إنفيديا لم تعد ترى اللاعبين كأولوية. وبينما لا تزال تطلق منتجات مخصصة للألعاب، فإن غياب الحماس والنقد المتزايد من جمهورها المخلص يشيران إلى وجود فجوة متزايدة بينها وبين هذا الجمهور.
وما لم تواجه إنفيديا مشكلات كبيرة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وهو أمر غير مرجح حاليًا، فمن غير المتوقع أن تدفعها انتقادات مجتمع الألعاب إلى تغيير استراتيجيتها قريبًا. ومع ذلك، فإن تجاهل جمهورها الأساسي قد يكون قرارًا يحمل تبعات مستقبلية لا يُستهان بها.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز