اقتصاد

حين يرقص الإرهاب على «تيك توك».. تجنيد ناعم في نيجيريا


جبهة جديدة من الإرهاب، فتحتها الجماعات الإرهابية في نيجيريا لا تُدار عبر الغابات أو السلاح، بل تُخاض على منصات التواصل الاجتماعي، بأساليب رقمية تستهدف العقول قبل الأجساد، وتستخدم «تيك توك» كسلاح جديد في معركة لم تعد تقليدية.

وفي كثير من المقاطع التي تبثها الجماعات الإرهابية على «تيك توك»، يُلاحظ اعتماد ممنهج على استعراض أدوات الإغراء، حيث يظهر عناصر التنظيم وهم يلوّحون ببنادق هجومية حديثة، ويعرضون قنابل يدوية، إلى جانب رزم كبيرة من النقود الموضوعة بشكل استعراضي أمام الكاميرا.

ويهدف هذا النوع من المحتوى إلى إثارة إعجاب المتابعين، خصوصًا من فئة الشباب الذين يعانون من الفقر والتهميش، وإيصال رسالة بأن الانضمام إلى صفوف هذه الجماعات يوفر لهم القوة، والمال، والانتماء، في ظل غياب الدولة وانهيار البنى الاقتصادية في العديد من المناطق الشمالية من نيجيريا.

تصاعد الإرهاب على المنصة

وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي، قُتل ما لا يقل عن 100 شخص في موجة جديدة من الهجمات الإرهابية التي طالت مناطق عدة في شمال نيجيريا، في وقت أكد فيه حاكم ولاية بورنو – وهي مركز النزاع منذ عام 2009 – أن الجماعات المسلحة أحرزت تقدماً ميدانياً خطيراً.

وتزامناً مع هذا التصعيد، رصدت وكالة «فرانس برس» نشاطًا مكثفًا لحسابات على «تيك توك» تديرها شخصيات مرتبطة بتلك الجماعات.

وتضمنت المقاطع مشاهد مباشرة لعناصر يروّجون لأفكار متطرفة معادية للغرب، بأسلوب يشبه التسجيلات الأولى التي نشرها زعيم «بوكو حرام» السابق أبو بكر الشكوي قبل مقتله عام 2021.

بث مباشر وتحريض علني

ووفق خبراء، لم يعد الأمر مقتصرًا على بث مقاطع دعائية مسجلة، بل تطور إلى تقديم محتوى حي وتفاعلي.

وكتب بولاما بوكارتي، نائب رئيس مؤسسة «بريدجواي» البحثية، أن أحد عناصر «بوكو حرام» هدده مباشرة عبر بث حي بسبب تصريحاته ضد التنظيم، وتم حذف المقطع لاحقًا، لكنه يشير إلى تصعيد نوعي في استخدام المنصة.

وعلى الرغم من أن «تيك توك» يؤكد على حظر أي محتوى مرتبط بالإرهاب، فإن خاصية البث المباشر تجعل من الصعب مراقبة المحتوى وإزالته في الوقت الحقيقي، بحسب مسؤولين في المنصة.

محتوى تفاعلي وأرباح رقمية

وراجعت وكالة «فرانس برس» 19 حسابًا تنشط في هذا المجال، ووجدت أنها تبث بشكل متكرر مشاهد لعناصر يرتدون زي رجال دين، يحرّضون على العنف ضد الحكومة، ويتعاونون مع حسابات تعرض كميات كبيرة من الأسلحة.

كما تتضمن هذه الحسابات تسجيلات قديمة لمؤسس التنظيم محمد يوسف، وأخرى للواعظ المتشدد عيسى غارو، المعروف بخطاباته التحريضية.

والمقلق، أن هذه الحسابات تتفاعل بشكل مباشر مع متابعيها، وتجيب على الأسئلة، وتتلقى هدايا رقمية قابلة للتحويل إلى نقود، ما يمنحها مصدر تمويل رقميًا إلى جانب استخدامها لأغراض دعائية.

تراجع «تليغرام» وصعود «تيك توك»

وبحسب صديق محمد، وهو عنصر سابق في التنظيم الإرهابي، فإن الجماعات المسلحة بدأت بالتحول إلى «تيك توك» بعد الحملة الأمنية على تطبيق «تليغرام»، لما يوفره التطبيق الجديد من تفاعل فوري وانتشار واسع لدى فئة الشباب.

وقال في تصريح لوكالة «فرانس برس»: «أدركت هذه الجماعات أن عليهم مخاطبة الشباب بلغة يفهمونها، بعيدًا عن الأساليب الدعوية التقليدية المملة». وأكد أن المؤشرات تدل على أن هذه الاستراتيجية بدأت تحقق نتائج فعلية في استقطاب عناصر جديدة.

الحكومة في مواجهة تحدٍ رقمي

خبراء أمنيون في نيجيريا حذروا من أن هذا الاستخدام المكثف لـ«تيك توك» من قبل الجماعات الإرهابية يشكل تحديًا مباشرًا لسلطات البلاد.

وقال مالك صموئيل، المحلل الأمني في مركز «الحوكمة الجيدة في أفريقيا»، إن ظهور عناصر التنظيم بوجوههم المكشوفة في المقاطع هو محاولة متعمدة لبث الثقة في صفوف أنصارهم وإثبات أنهم «حقيقيون وغير خائفين».

من جهتها، أعلنت منصة «تيك توك» أنها دخلت سابقًا في شراكة مع منظمة «تكنولوجيا مكافحة الإرهاب» المدعومة من الأمم المتحدة لتحسين تقنيات الرصد والحذف، لكن المنظمة أنهت تعاونها مع المنصة في 2024.

وكثفت جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب أفريقيا الهجمات مؤخرا في شمال شرق نيجيريا وخاصة في ولاية بورنو، مركز الصراع الذي بدأ عام 2009 وخلف ما لا يقل عن مليوني نازح و40 ألف قتيل.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى