اقتصاد

«وسام مشفّر».. بوركينا فاسو تستفز فرنسا بـ«السيدة سوتشي»


لم يكن تكريم بوركينا فاسو للناشطة السويسرية الكاميرونية ناتالي يامب لحظة عابرة، بل تختزل أكثر من رسالة موجهة جميعها لفرنسا بشكل خاص.

وتعد الناشطة الكاميرونية البالغة من العمر 55 عاما واحدة من أكثر نقاد الحضور الفرنسي في أفريقيا شراسة.

ومن هذا المنطلق، فإن منحها وسام “فارس من رتبة الحصان الأصيل”، أرفع الأوسمة الوطنية في بوركينا فاسو، لا يعتبر مجرد احتفاء بـ”شخصية معارضة”، بل إعلان سياسي واضح ضد فرنسا، وفق مراقبين.

وتلقب يامب نفسها على موقعها الإلكتروني بـ«السيدة سوتشي»، في إشارة إلى خطابها الشهير خلال أول قمة روسية أفريقية عقدت في عام 2019 بمنتجع ساحلي بمدينة “سوتشي” المطلة على البحر الأسود.

ما هو وسام “فارس من رتبة الحصان الأصيل”؟

يُعد وسام فارس «الحصان الأصيل» الذي تأسس عام 1961 بعد استقلال بوركينا فاسو، وسامًا وطنيًا مخصصًا لتكريم من ساهم في خدمة الدولة أو الدفاع عن مبادئها السيادية.

ورتبة “فارس” هي أولى درجاته، تليها “ضابط”، “قائد”، ثم “كبير الضباط” و”الصليب الأكبر”، بحسب مجلة “جون أفريك” الفرنسية.

وهذا الوسام مستلهم من رمزية الحصان الأصيل كرمزٍ للشجاعة والكرامة في الثقافة المحلية، ويُمنح للمواطنين أو الأجانب الذين يُنظر إليهم كفاعلين في استقلالية القرار الوطني.

أما في فرنسا، فيوجد وسام “جوقة الشرف، وهو الأعلى من حيث التكريم المدني والعسكري، ويُمنح ضمن رتب تبدأ بـ”فارس”، لكن لا توجد في التسميات الفرنسية أي إشارات رمزية أو حيوانية.

وقالت مجلة “جون أفريك”: “بوصفها من أبرز المدافعين عن (الاستقلال الحقيقي) ونهضة القارة الأفريقية، والمناهِضة الشرسة للفرنك الأفريقي، ولما تبقّى من مظاهر فرنسا الأفريقية، حظيت ناتالي يامب بتكريم لافت في بوركينا فاسو”.

وظهرت الناشطة أيضا ضيفة في إحدى نشرات الأخبار الرئيسية، وكذلك في برنامج “على الجبهة” الذي تبثه هيئة الإذاعة والتلفزيون البوركينية، حيث أُتيح لها، ولمدة تقارب الساعة، استعراض خطابها السياسي المعتاد.

رسالة لفرنسا

في قراءته للموضوع، يرى الباحث السنغالي، كوامي نكروماه جونيور، المتخصص في دراسات السيادة الأفريقية بمركز “مجلس تطوير البحوث في العلوم الاجتماعية في أفريقيا” البحثي في داكار، أن “منح هذا الوسام ليامب يعد رمزا سياسيًا أكثر منه مكافأة شخصية”.

ويقول الباحث، في حديث لـ”العين الإخبارية»، إن “منح الوسام لناشطة سياسية مناهضة لفرنسا هو تأكيد على تبنّي خطاب القارة ضد الهيمنة، وترسيخ لبطولة شخصيات من خارج النظام الرسمي، كأدوات رمزية في معركة النفوذ مع فرنسا”.

“وسام المقاومة”

من جانبه، يقول الباحث الفرنسي بيير جوسلان، المتخصص في العلاقات الفرنسية الأفريقية في «معهد مونتاني»، لـ”العين الإخبارية”، إن “ناتالي يامب تُكرَّم اليوم لأنها تمثل بامتياز خطاب المقاومة في مخيلة الأنظمة العسكرية الجديدة في الساحل” الأفريقي.

وأشار إلى أنه “اختيار رمزي بامتياز، يعزز القطيعة مع النموذج الفرنكوفوني الكلاسيكي”.

وخلال حفل التكريم، دعت يامب إلى معاقبة من “يبيعون مصالح القارة مقابل المال”، وفضح “التواطؤ الداخلي في زعزعة استقرار الدول الأفريقية”، وتعزيز “الوحدة والسيادة الأفريقية ضد التدخلات الأجنبية”، بحسب موقع “سنغ نيوز” الإخباري الناطق بالفرنسي.

وتكريم ناتالي يامب لا يُقرأ على أنه حدث رمزي محلي فحسب، بل إشارة إلى نهاية مرحلة وبداية أخرى. إنه تكريس لخطاب التحرر من النفوذ الفرنسي، وتثبيت لتحالفات جديدة تتجاوز باريس، وفق مراقبين.

من هي ناتالي يامب؟

يامب ناشطة سياسية معروفة بمواقفها الراديكالية ضد النفوذ الفرنسي في أفريقيا، شهيرة بخطاب ألقته العام 2019 خلال مشاركتها في منتدى بروسيا، هاجمت فيه بشدة السياسات الفرنسية، ووصفتها بـ”الاستعمار الجديد”. 

وتُلقب إعلاميًا بـ”المرأة التي تقلق فرنسا”، وتعد من أبرز الأصوات الداعية لانسحاب فرنسا من مستعمراتها السابقة، ودعم التحالفات البديلة.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى