«عقيدة ترامب» الجديدة بالشرق الأوسط.. المنطقة أولى بإدارة شؤونها
شهدت السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تحولًا جذريًا خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب.
ووفقا لما ذكرته مجلة “ناشيونال إنترست”، يسعى زعيم البيت الأبيض إلى إعادة تعريف دور واشنطن الإقليمي عبر تبني فلسفة تقوم على تقليص التدخلات المباشرة وتركيز الجهود على تحقيق المصالح الأمريكية.
وتُجسد “عقيدة ترامب” رؤيةً ترفض منطق “بناء الأمم” الذي ساد في عهود سابقة، وتستبدله بمنهج براغماتي يراهن على قدرة دول المنطقة على إدارة شؤونها بعيدًا عن الوصاية الغربية.
وجاء خطاب ترامب التاريخي في الرياض، خلال جولته الخليجية التي شملت أيضا قطر والإمارات، ليرسم ملامح هذه الرؤية، حيث انتقد بشكل لاذع سياسات التدخل المكلفة التي فشلت، حسب رأيه، في تحقيق الاستقرار.
واعتبر أن النهضة العمرانية والاقتصادية في مدن مثل الرياض وأبوظبي دليل على أن الحلول المحلية تفوق تلك المستوردة من الخارج.
ولم يقتصر هذا التحول على الخطاب، بل تجسد في سلسلة قرارات عملية أثارت جدلًا واسعًا. فبينما حافظت الإدارات الأمريكية السابقة على تحالف استراتيجي مع إسرائيل كركن أساسي في سياسات الشرق الأوسط، بدا ترامب مستعدًا لتجاوز هذه الثنائية التقليدية.
فالمفاوضات المباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، رغم اعتراضات تل أبيب، والتفاوض مع حركة حماس، بل وحتى رفع العقوبات عن الحكومة الجديدة في سوريا، كلها خطوات تعكس رغبة في إعادة ترتيب الأولويات بعيدًا عن الحسابات الأيديولوجية.
الأمر الأكثر إثارة للجدل كان إقالة مستشار الأمن القومي مايك والتز بسبب تقارير عن علاقات مفرطة مع مسؤولين إسرائيليين، في خطوة تفسر على أنها محاولة لاستعادة السيطرة على صنع القرار الأمريكي في المنطقة بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.
كما يحاول ترامب تقديم نفسه كمنقذ لأمريكا من “الحروب الأبدية” التي أنهكت الاقتصاد والمجتمع الأمريكي، مستفيدًا من إرث سياسي يتزايد فيه النقد الشعبي للتدخلات العسكرية المكلفة، ويحمل نهجه بذور تغيير قد يُعيد تشكيل ديناميات المنطقة.
واللافت أن هذا التحول يتزامن مع صعود جيل جديد من القادة في المنطقة، أكثر اهتمامًا بالتنمية الاقتصادية والتكنولوجية من الخوض في المعارك الأيديولوجية.
لكن إرث العقيدة الجديدة لا يزال معلقًا بين النجاح والفشل، فمن جهة، يعكس الانكفاء النسبي لترامب إدراكًا واقعيًا لتراجع الهيمنة الأمريكية عالميًا، واستجابة لضغوط داخلية ترفض تحمّل تكاليف الحروب البعيدة، ومن جهة أخرى، يُخاطر هذا النهج بتفاقم الأزمات في منطقة مضطربة.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز