نقاشات موسعة في قمة الإعلام العربي تستهدف استشراف ملامح إعلام المستقبل
استعرضت قمة الإعلام العربي 2025 جلسات شبابية ناقشت مستقبل الإعلام والسرد التراثي والبودكاست والتحديات المهنية بعد التخرج، مؤكدة أهمية المحتوى الأصيل في العصر الرقمي.
شهدت قمة الإعلام العربي في دبي، ومع يومها الأول سلسلة من الجلسات النقاشية الملهمة حول جملة من الموضوعات وثيقة الصلة بمستقبل العمل الإعلامي في المنطقة، وكيفية النهوض بعوامل تميزه.
وغطت نقاشات اليوم الأول، التي جاءت ضمن “المنتدى الإعلامي العربي للشباب”، مجموعة من الموضوعات المتنوعة والتي امتدت من أثر السرد القصصي في الحفاظ على التراث، إلى توقعات الشباب في سوق العمل عقب الانتهاء من دراستهم الجامعية، وأثر برامج التوك شو في المجتمع لاسيما بين فئة الشباب.
ففي جلسة عقدت بعنوان “السرد القصصي في الموروث الإماراتي”، تحدث الإعلامي والباحث في مجال التراث خلفان الكعبي، وصانع المحتوى مطر الشامسي، بينما أدارت الحوار الإعلامية علياء بوجسيم، حيث أكد المشاركون أنّ السرد القصصي، سواء كان مكتوباً أو شفوياً، هو وسيلة فعّالة للحفاظ على تراثنا، ونقله إلى الأجيال القادمة بلغةٍ محببةٍ وسلسةٍ، في زمنٍ أصبحت فيه المفردات القديمة مهددة بالزوال.
وقال مطر الشامسي إنّه لابد لأيّ شخصٍ يعمل في المجال التراثي أن يستخدم الوسائل الإعلامية المتاحة بالشّكل الصّحيح، لما لها من تأثير كبير في إبراز الموروث الثقافي، ونقله إلى الأجيال القادمة، مشيراً إلى أنّ أدوات الإعلام أصبحت متعددة، ويجب على الباحث أو المهتم بالتراث أن يُوظّفها بالشكل الأمثل، سواء عبر المقابلات التلفزيونية أو الرقمية، أو من خلال توثيق القصص والمرويات الشعبية.
وأضاف الشامسي أنّ المحافظة على الهوية التراثية لا تتعارض مع استخدام التكنولوجيا، بل يُمكن أن تكون شريكاً أساسياً في نشر الوعي، وتعزيز الانتماء الثقافي، موضحاً أنّ هناك كلمات كثيرة اختفت من قاموسنا اليومي، لكن ما الذي يُمكن أن يعيد لهذه الكلمات حضورها؟ وقال إن الجواب هو السرد القصصي الشعبي.
وتابع: “عندما نُقدّم هذه المفردات في إطار قصةٍ جذّابةٍ، سواء كانت مكتوبة أو مسموعة، فإنّ الطفل أو الشاب يتلقّاها بطريقةٍ ممتعةٍ، ويبدأ في استخدامها من دون أن يشعر بثقل أو غرابة”.
من جهته، قال خلفان الكعبي، إنّ الوسائل السمعية والبصرية الحديثة أصبحت ضرورةً مُلحّةً في هذا العصر لإيصال القصص التراثية، سواء عبر فيديوهات قصيرة أو تسجيلات صوتية أو حتى عبر المنصات التفاعلية المختلفة.
وأضاف الكعبي أنّ الوسائل السمعية والبصرية اليوم أصبحت من أهم أدوات إيصال السرد القصصي، سواءً في شكل فيديوهات أو قصص أو حتى عبر عروض تفاعلية، لكنها تعتمد على أمر مهم جداً، وهو الاختصار.
وأشار إلى أنّ من يُريد دخول عالم صناعة المحتوى في المجال التراثي، لا بُدّ أن يُتقن فن الاختصار، ويُقدم محتوى بسيطاً وسهلاً يُخاطب عقول وقلوب الجمهور، مؤكداً أنّ التبسيط لا يعني تفريغ المعنى، بل يعني جعل التراث في متناول الجيل الجديد بلغةٍ يفهمها.
وأوضح الكعبي، أنّ التراث ثروةٌ، والسرد القصصي هو الوسيلة، والوسائط الحديثة هي الجسر، لذا علينا أن نعرف كيف نربط الثلاثة؛ لنصل إلى الأجيال الجديدة بفاعلية وعمق.
وفي جلسة «برامج التوك شو والشباب»، التي عُقدت ضمن فعالية “دردشات إعلامية” قالت الإعلامية ناديا الزعبي، من قناة عمّان، إنها تؤمن بأن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تطوير قطاع الإعلام، من خلال تحليل البيانات وفتح آفاق جديدة، إلا أنه لا يمكن أن يحلّ محل الإعلامي الحقيقي، مشيرةً إلى أنّ الإعلامي ليس مجرد روبوت يقرأ الأخبار، بل هو إحساس حي، وتجسيد صادق لنبض الواقع.
وأضافت الزعبي، أنّ التغيّر الكبير في طبيعة المحتوى الإعلامي بات يُؤثر سلباً على جودة الرسالة المُقدّمة للجمهور، مشيرةً إلى أنّ المحتوى أو الموضوع كان هو النجم، أمّا اليوم فقد أصبحت المبالغات والفبركات هي النجم البديل.
وتابعت :”أصبحنا نرى على بعض الشاشات إعلاميين يتّبعون أساليب غريبة لتسخين النقاش، تعتمد على الأداء الانفعالي، والاستعراضات الشكلية، أو ما يُسمى بالجرأة غير اللازمة، فقط من أجل الوصول إلى أكبر عدد من المشاهدات، بغض النظر عن قيمة المحتوى”.
واختتمت حديثها برسالة قالت فيها: “رسالتي من دبي إلى كل إعلامي شاب.. حافظ على هوية المهنة، لا تجعل الترند هو هويتك، مهما كانت مغريات العالم الافتراضي”.
وحددت جلسة “ما بعد التخرج الواقع والمستقبل”، والتي نظمت ضمن دردشات إعلامية في المنتدى الإعلامي العربي للشباب خلال فعاليات قمة الإعلام العربي وبالتعاون مع MONIIFY 10 ركائز تمكن الخريجين الجدد من الاستعداد الجيد لسوق العمل و الحصول على وظائف تتوافق مع مهاراتهم وتوقعاتهم المستقبلية.
وناقشت نورهان فهمي من منصة مونيفاي خلال الجلسة أبرز التحديات التي يواجهها الشباب في البحث عن الوظيفة الأولى، وطرحت حلولا عملية لتجاوزها، ومن أبرزها أنه يجب على الشباب إعداد سيرة ذاتية احترافية، والانخراط في التدريب العملي لاكتساب الخبرات المطلوبة، وبناء شبكة علاقات مع جهات العمل، وبذل الجهد في تطوير المهارات، واكتساب مهارات جديدة خارج نطاق التخصص ، والتقدم لطلب وظائف في عدة جهات، ومتابعة طلبات التقديم، والتسويق لمهاراتهم لدى جهات العمل، والإيمان بالقدرات الشخصية، والاستفادة من فرص التطوع والتدريب.
وأكدت نورهان أن النجاح في العثور على وظيفة يبدأ من وعي الخريج بقدراته، واستعداده للتعلم والتطوير المستمر، كما شددت على ضرورة الاستفادة من فرص التدريب والتطوع كخطوات أولى نحو التوظيف، مشيرة إلى أن كل مهارة يكتسبها الخريج تقلل عدد منافسيه في سوق العمل.
واستضافت جلسة “ما بعد الشاشة… الشباب والبودكاست”، المنتج ومقدم البودكاست معين جابر، الذي استعرض من واقع خبرته الإعلامية والإنتاجية، كيف أصبح البودكاست وسيلة فاعلة للتعبير ومصدراً غنياً للنقاشات المجتمعية والفكرية، التي تسهم في تشكيل وعي الجيل الجديد وتوسيع مداركه. وتحدث معين جابر خلال الجلسة عن التحولات الجذرية في سلوك الجمهور، خاصةً فئة الشباب، الذين باتوا يميلون إلى المحتوى الصوتي التفاعلي عبر منصات البودكاست، بديلاً عن وسائل الإعلام التقليدية.
كما تطرقت الجلسة إلى التحديات التي يواجهها صناع البودكاست في العالم العربي، من حيث الاستدامة المالية، وضمان جودة المحتوى، والوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، في ظل منافسة شديدة من منصات المحتوى المرئي والاجتماعي. وأكد معين جابر خلال الجلسة على أهمية دعم المواهب الإعلامية الشابة، ومنحهم مساحة للإبداع.
وأكدت صانعة المحتوى ياسمين ناصر في جلسة «من التسويق إلى صناعة المحتوى» أن الشغف هو القوة الدافعة وراء التعلّم والتحسين المستمر في فن الطهي، ما يساعد على نشر محتوى جذاب ومبتكر ويشجع المتابعين على تبني عادات غذائية جديدة.
وأشارت ناصر إلى أنها استفادت من خبرتها في التسويق للترويج لفن الطبخ، حيث تعتمد صناعة المحتوى الناجحة على القدرة على إيصال الأفكار بمهارة وأساليب بسيطة تجذب المتلقي، وتُحفّزه للعودة مرة أخرى للاطلاع على المزيد من المحتوى المعروض، حيث درست ياسمين التسويق والاتصالات وتمتلك خبرة تزيد على 13 عاماً في مجال الإعلان، وحققت إنجازات رائعة خلال مسيرتها المهنية، اتجهت بعدها إلى فن الطبخ، وحصلت على دبلوم الطهي من فرنسا، مشيرة إلى أن الطبخ والإبداع يمثلان مساحة واسعة للتعبير عن الذات، وتبادل المعرفة، والتشجيع على التنوع.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز