اقتصاد

احتجاجات عاصفة في قلب حزب نتنياهو.. الغضب يقتحم أسوار «الليكود»


في مشهد لم تعهده إسرائيل من قبل، اقتحم عشرات المحتجين، مساء الأربعاء، المقر المركزي لحزب «الليكود» في مبنى «ميتزودات زئيف» وسط القدس.

ورغم أنه تحرك رمزي إلا أنه بالغ الدلالة، إذ يكشف عمق الأزمة التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي، على خلفية استمرار احتجاز رهائن في قطاع غزة منذ أكثر من 600 يوم.

لم يكن هذا الاقتحام مجرد احتجاج على طول أمد الأزمة، بل تطورًا لافتًا في منحى الحراك الشعبي، الذي بدأ بمسيرات ووقفات تضامنية لعائلات الرهائن، لينتهي بمواجهة مباشرة مع الحزب الحاكم، في قلب العاصمة السياسية لإسرائيل.

ضغوط أهالي رهائن غزة

منذ الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل المئات وأسر عشرات الإسرائيليين، تعيش إسرائيل في ظل أزمة متفاقمة لا تزال دون حل.

ويُعتقد أن 58 من الرهائن ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم نحو 20 فقط على قيد الحياة، وفق التقديرات الإسرائيلية.

الصدمة الأولى تحوّلت إلى غضب، والغضب تحوّل إلى اتهام مباشر للحكومة بأنها تتلكأ عمدًا في إنجاز صفقة تبادل، إما خشية من الكلفة السياسية التي قد تدفعها، أو نتيجة حسابات أمنية تتعارض مع المصلحة الإنسانية.

تحوّل استراتيجي في الاحتجاجات

الاقتحام الذي شهدته القدس لم يكن مجرّد خروج عن السلوك الاحتجاجي التقليدي، بل بمثابة رسالة صريحة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: لم يعد الشارع يثق في وعود الحكومة ولا في قدرتها على إنجاز تسوية.

الشرطة الإسرائيلية أعلنت تدخلها لفضّ الاحتجاجات بالقوة، ووصفت التظاهرة بأنها «غير قانونية»، مشيرة إلى إصابة أحد عناصرها واعتقال العشرات.

أما حزب «الليكود» فقد أصدر بيانًا غاضبًا، هاجم فيه المحتجين واصفًا إياهم بـ«الأناركيين من أقصى اليسار»، واتهمهم بـ«التحريض على الفوضى وتخريب الممتلكات».

لكن الرد الغاضب من الحزب لم يُخفِ المأزق السياسي، فالهجوم المباشر على مقره يعكس تراجعًا غير مسبوق في هيبة السلطة، وغيابًا شبه تام لثقة الجمهور بالقيادة.

لم يعد الاحتجاج مقتصرًا على أهالي الرهائن، بل امتد إلى قطاعات أوسع في المجتمع الإسرائيلي.

مراقبون اعتبروا أن مشاهد الأربعاء تعبّر عن «أزمة ثقة بنيوية» تهدد بتفكيك التماسك السياسي الداخلي، حيث يواجه نتنياهو ضغطًا متزايدًا من المعارضة، بل ومن داخل حكومته الائتلافية، التي تضم أطرافًا يمينية ترفض تقديم أي تنازل لحماس.

ليئات فايس، والدة أحد الرهائن، عبّرت بمرارة عن هذا الانقسام قائلة: «لم نعد نحتمل الوعود الفارغة. كل يوم يمرّ دون صفقة هو جريمة إضافية ترتكبها هذه الحكومة بحقنا».

خيارات محدودة وشارع ينفجر

نتنياهو اليوم أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما مواصلة الحملة العسكرية في غزة على أمل تحرير الرهائن بالقوة، وهو خيار أثبت محدودية جدواه.

أو المضي قدمًا في صفقة تبادل مع حماس، وهو ما قد يثير موجة غضب في معسكر اليمين ويهدد استقرار ائتلافه الحكومي.

وفي ظل هذا الانسداد، تخشى الأجهزة الأمنية من أن يشكّل اقتحام مقر الليكود سابقة قد تتكرر في مقار حكومية أو حزبية أخرى، ما دفع بعضها لرفع درجات التأهب، وسط دعوات متزايدة لتشديد الإجراءات الأمنية.

وبينما تتصاعد الدعوات لاستقالة نتنياهو، يبدو أن مشهد ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول لم يعد يطال فقط غزة، بل يُعاد إنتاجه في قلب القدس، بأدوات مدنية لكنها لا تقل خطورة عن الحرب ذاتها.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى