اقتصاد

ليبيا.. أزمة أمنية تضرب مؤسسة النفط وتهديد بوقف الإنتاج


هددت الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب، ومقرها بنغازي، بإعلان حالة «القوة القاهرة» على حقول وموانئ النفط، على خلفية هجمات متكررة استهدفت المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس.

وقالت وسائل إعلام محلية، الأربعاء، إن مجموعة مسلحة تُطلق على نفسها اسم «وحدة السيطرة» اقتحمت مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وسيطرت على أجزاء منه.

وذكرت المصادر أن المسلحين كانوا يستقلون سيارات تحمل شعار «مجلس الوزراء – إدارة المهام الخاصة»، وطوّقوا المبنى، فيما تمركز بعضهم في الطابق الخامس لساعات.

فوضى المليشيات

وفي بيانها، أوضحت الحكومة الليبية المكلّفة أن ما جرى يأتي في ظل حالة من الفوضى الأمنية العارمة التي تشهدها العاصمة، بسبب انتشار السلاح بأيدي مجموعات غير نظامية، تستخدمه في ترهيب مؤسسات الدولة.

واعتبرت الحكومة أن هذا الاعتداء يندرج ضمن سلسلة هجمات متكررة طالت مؤسسات سيادية، من بينها مصرف ليبيا المركزي وميناء طرابلس، وآخرها الهجوم على المؤسسة الوطنية للنفط.

واستنكرت الحكومة بشدة اقتحام مقر المؤسسة، والاعتداء على مكتب رئيس مجلس إدارتها، وترهيب الموظفين باستخدام السلاح.

تهديدات لقطاع النفط

وأكدت الحكومة أن هذه الاعتداءات المتكررة على المؤسسات، خاصة النفطية منها، من قبل مجموعات مسلحة مدعومة من الحكومة منتهية الولاية، تمثل تهديدًا مباشرًا لقطاع النفط وأموال وقوت الليبيين، وتُقوّض الجهود الرامية لتوحيد المؤسسات السيادية.

كما أعربت عن استغرابها من «صمت» البعثة الأممية للدعم في ليبيا، وكذلك المبعوث الأمريكي الخاص، تجاه هذه الانتهاكات، داعيةً إياهم لتحمّل مسؤولياتهم أمام التهديدات المتزايدة التي تطال قطاع النفط.

إجراءات مرتقبة

وأشارت الحكومة إلى أنها تدرس اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية، من بينها إعلان حالة «القوة القاهرة» في الحقول والموانئ النفطية، أو نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط مؤقتًا إلى إحدى المدن الآمنة مثل رأس لانوف أو البريقة أو غيرها، مؤكدة أن مثل هذه القرارات الحاسمة لن تقبل أي تدخل من البعثة الأممية.

كما دعت الحكومة مكتب النائب العام لفتح تحقيق شامل في واقعة الاعتداء، وملاحقة المتورطين وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت ممكن.

المؤسسة تنفي

في المقابل، نفت المؤسسة الوطنية للنفط تعرّض مبناها للاقتحام، مؤكدة أن ما حدث لم يتجاوز خلافًا شخصيًا محدودًا وقع في منطقة الاستقبال، وتمت معالجته فورًا من قِبل عناصر الأمن الإداري، دون أن يؤثر ذلك على سير العمل داخل المؤسسة.

النفط.. سلاح في صراع النفوذ

من جانبه، شدد المحلل الاقتصادي الليبي عبد الله محمد على أهمية قطاع النفط، باعتباره شريان الاقتصاد الليبي، مشيرًا إلى أن أي إضرار به ستكون له تداعيات سلبية على مجمل الوضع الاقتصادي، ويجب تحييده عن فوضى المليشيات والصراعات السياسية.

وأوضح في حديث لـ«العين الإخبارية» أن ليبيا تنتج أكثر من 1.4 مليون برميل من النفط يوميًا، ونحو 2.5 مليار قدم مكعب من الغاز، وأن أي توقف في الإمدادات – خاصة نحو السوق الأوروبية – سيؤدي إلى أزمة كبيرة.

وأكد أن النفط كان دائمًا أداة حاسمة في موازين القوى السياسية، وأن خطوة إعلان «القوة القاهرة» ستكون جريئة، من شأنها قطع التمويل عن المليشيات، ودفع المجتمع الدولي للتفاوض المباشر، خاصة مع تزايد الغضب الشعبي من الأوضاع في طرابلس.

أما الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية الليبي، فقد أشار إلى أن المليشيات تعيد رسم خارطة السيطرة داخل العاصمة، وتسعى لفرض نفوذها بعد الاشتباكات الأخيرة، من خلال ابتزاز الجهات التنفيذية، وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط.

وأضاف في حديثه لـ«العين الإخبارية» أن محاولة التقليل من حجم الحادث الأمني ووصفه بأنه «خلاف شخصي في الاستقبال» لا يلغي حقيقة وجود خرق أمني خطير، ويُعد اعترافًا ضمنيًا بمحاولة فرض سيطرة من أحد الأطراف المسلحة.

وشدد على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية، وتشكيل حكومة موحدة تنهي حالة الانقسام، وتعمل على حلّ المليشيات، والمضي نحو الانتخابات، لتفادي تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلًا.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى