ميلوني وماكرون.. هل يعيد لقاء روما «الودّ» بعد «سنوات الغدر»؟
هل يصلح لقاء روما سنوات التوتر بين جورجيا ميلوني وإيمانويل ماكرون؟
الأنظار تتجه إلى العاصمة الإيطالية بانتظار لقاء من المنتظر أن يعقد، الثلاثاء المقبل، ويجمع رئيسة الوزراء الإيطالية والرئيس الفرنسي، في محاولة عملية لتهدئة العلاقة بينهما إثر سنواتٍ من التوتر والاتهامات، بل وحتى الطعن في الظهر.
بهذه الكلمات، وصفت الصحافة الإيطالية زيارة ماكرون التي أُدرجت على جدول أعمال ميلوني (يمين متطرف) الأربعاء.
وعنونت صحيفة “إل ميساجيرو” قائلة “ميلوني تُصلح الأمور مع ماكرون، لقاء تقارب في روما”، بينما التزمت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الحذر، معتبرة أنها مجرد “محاولة للتقارب”.
وأفاد مقربون من ماكرون بأن “الرئيس هو من اقترح على السيدة ميلوني زيارتها لأن دوره ينص على جمع الأوروبيين، ولأنه يرغب في العمل معها أيضا”.
وقد يمنع تغيير النهج تكرار توترات شهدتها قمة القادة الأوروبيين بتيرانا عاصمة ألبانيا في 16 مايو/ أيار الجاري.
ماكرون و«استراتيجية المحيطين».. طريق ثالث» بين أمريكا والصين
خلافات تتجدد
استُبعدت ميلوني من اجتماع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضمّ الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيسي وزراء بريطانيا وبولندا، وأعقبه اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعللت ميلوني غيابها عن الاجتماع بكونها لا ترغب في إرسال قوات إلى أوكرانيا، ما دفع ماكرون إلى انتقادها أمام الصحافة.
وقال الرئيس الفرنسي”أعتقد أن هناك سوء فهم. كان النقاش الذي دار بيننا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار (..) عندما التقينا الرئيس زيلينسكي (..)، لم يكن هناك أي نقاش ولو للحظة حول إرسال قوات أو أي شيء آخر”.
وأضاف: “يجب أن نكون جادين بشأن المعلومات التي نقدمها حول هذه القضايا”.
وتابع “دعونا نحذر من المعلومات المضللة حول هذا الموضوع. هناك ما يكفي منها ينشره الروس والشبكات التي تتبعهم”.
وفي اليوم التالي، ردت ميلوني على سؤال عن هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي مشترك في روما مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، داعية إلى “التخلي” عن قضايا الأنا، المهدَّدة “بتقويض وحدة الغرب، التي كانت ولا تزال أساسية لحل النزاع في أوكرانيا”.
التهدئة أولوية
في مواجهة هذا المستوى من الخلاف، يتمثل الهدف الرئيسي بتهدئة التوترات وتطبيع العلاقات بين قوتين متوسطتين تواجهان أزمات متعددة، بدءا من النزاع في أوكرانيا وصولا إلى الكارثة الإنسانية في غزة، مرورا بالهجوم الجمركي الذي شنه ترامب، وخصوصا ضد الاتحاد الأوروبي.
وأدرك الزعيمان أهمية التوصل إلى حد أدنى من التفاهم. وأكد الوفد المرافق للرئيس الفرنسي قبيل هذه الزيارة أن “فرنسا وإيطاليا شريكتان مهمتان تجمعهما العديد من المصالح المشتركة، لا سيما في المجال الاقتصادي”.
ومع ذلك، لم يتردد ماكرون في توجيه انتقادات لميلوني، التي تولت السلطة عام 2022، ولم يتردد مثلا، في مغادرة اجتماع نظمته رئيسة الوزراء الإيطالية حول الهجرة خلال المجلس الأوروبي ببروكسل في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولا شك أن فرنسا الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والمالكة لأسلحة نووية أكثر ثقلا على الساحة الدبلوماسية من إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
«صديقة ترامب»
لكن تتمتع ميلوني بميزة كبيرة هي علاقتها الوثيقة بالرئيس الأمريكي ونائبه جاي دي فانس اللذين وصفاها بأنها “صديقة” لأنها تشاركهما قيمهما المحافظة ومواقفهما تجاه المهاجرين.
وفي خضم حرب تجارية مع واشنطن، لا يُمكن إغفال قناة التواصل هذه.
والأسبوع الماضي، جمعت ميلوني جاي دي فانس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في قصر “شيغي” مقر الحكومة الإيطالية في روما.
وكان هذا الاجتماع الأول على هذا المستوى منذ فرض ترامب زيادة على الرسوم الجمركية، ما أظهر أهمية دور ميلوني على الساحة الدولية.
ولم تفت أهمية دورها ماكرون الذي تظهر استطلاعات الرأي تراجعه ويواجه برلمانا معاديا، وأصبحت الدبلوماسية بالنسبة إليه أحد مجالات قليلة ما زال يأمل في البروز فيها حتى نهاية ولايته في العام 2027.
أما ميلوني التي ما زالت تتمتع بنسبة تأييد كبيرة تبلغ 46,5% بعد عامين ونصف عام في السلطة، فقد تجد من مصلحتها أيضا إرساء “تسوية موقتة” مع الرئيس الفرنسي تصب في صالح مكانتها الدولية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز