اقتصاد

سيدي ولد التاه.. دكتور بأربع لغات يقود بنك أفريقيا في حقبة حاسمة


من نواكشوط إلى أبيدجان، ومن صفوف الاقتصاد في جامعة نيس إلى قاعات القرار في كبرى المؤسسات المالية الأفريقية، يشق سيدي ولد التاه طريقه بثبات نحو القمة.

الرجل الهادئ الذي اعتاد العمل بصمت، فاجأ الجميع بفوزه الساحق برئاسة بنك التنمية الأفريقي، في لحظة قد تغير مستقبل القارة.

فمن هو هذا الخبير الموريتاني الذي جمع دعم القارات، وما الذي يحمله في جعبته لمؤسسة يُعوَّل عليها في النهضة الأفريقية؟ وهل ينجح في كسر البيروقراطية ودفع البنك إلى قلب معركة التنمية والمناخ؟

لحظة فارقة

وفي لحظة تُعد فارقة على الساحة الأفريقية، انتُخب الاقتصادي الموريتاني رئيسًا جديدًا لبنك التنمية الأفريقي، خلفًا للنيجيري أكينوومي أديسينا، حيث جاء انتخابه بعد ثلاث جولات تصويت، محققًا فوزًا ساحقًا، ليصبح بذلك أول شخصية موريتانية تتولى هذا المنصب في مؤسسة تُعد من الأعمدة الاقتصادية للقارة.

ولد التاه، البالغ من العمر ستين عامًا، ليس غريبًا عن العمل التنموي متعدد الأطراف. فقد أمضى العقد الأخير في قيادة بنك التنمية العربي الأفريقي (BADEA)، حيث قاد عملية تحول واسعة النطاق، جعلت من مؤسسة كانت مجهولة نسبيًا لدى وكالات التصنيف، واحدة من أبرز الجهات المالية المرموقة في القارة.

في حملته الخاطفة على رئاسة البنك الأفريقي، شدد على ما وصفه بـ”القيادة التحولية” التي مارسها، متعهدًا بنقل تلك التجربة إلى بنك أكبر وأكثر تأثيرًا، وفق ما نقلت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية.

على خلاف سلفه المعروف بأسلوبه الحماسي والجاذب للأضواء، يتسم ولد طه بشخصية هادئة ومتحفظة، لكنه يقدم برنامجًا طموحًا يرتكز على أربعة محاور أساسية: تعزيز دور المؤسسات المالية الإقليمية، دفع القارة نحو استقلالية مالية أكبر على الساحة الدولية، استثمار الطفرة الديمغرافية كمحرك للنمو، وبناء بنى تحتية قادرة على مجابهة تحديات المناخ.

جيل تكنوقراط الإفريقيين

ينتمي سيدي ولد التاه إلى جيل تكنوقراط الأفريقيين الذين يتحدثون بعدة لغات، من بينها الفرنسية، الإنجليزية، العربية، وحتى الولوف (لغة غرب إفريقية تتحدث بها مجموعة متنوعة من الشعوب في السنغال وغامبيا وموريتانيا)، ما يتيح له بناء جسور تفاهم مع مختلف أقاليم القارة.

خبرته الدبلوماسية مكنته من حشد دعم متنوع، من دول الساحل مثل مالي، وصولًا إلى فرنسا، لينال في النهاية أكثر من 72% من أصوات الدول الأفريقية، فيما يعد تفويضًا قويًا على المستوى القاري.

في ظل انسحاب أمريكي مرتقب من تمويلات البنك، يخطط ولد طه لجذب رؤوس أموال جديدة، لا سيما من منطقة الخليج التي نسج علاقات قوية معها خلال فترة عمله في “BADEA”.

إعادة تعريف دور بنك التنمية الإفريقي

على الصعيد البيئي، يرى أن القارة الأفريقية، رغم مساهمتها الضئيلة في انبعاثات الكربون، تدفع الثمن الأكبر من تغير المناخ، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب توجيه الاستثمارات نحو مشاريع تنموية تراعي الاستدامة وتوظف مصادر الطاقة المتجددة، بما يوازن بين الحاجة الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

يحمل سيدي ولد التاه شهادة ماجستير في الاقتصاد من جامعة نواكشوط، ودكتوراه من جامعة نيس الفرنسية، ويبدو اليوم في موقع يمكنه من إعادة تعريف دور بنك التنمية الأفريقي، كرافعة استراتيجية لمستقبل القارة في عالم مليء بالتحديات والفرص.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى