تعيينات بالولاءات.. تونس نحو نزع «ألغام الإخوان» من مفاصلها
تعيينات حسب الولاءات وشهادات مزورة أغرقت المؤسسات الحكومية التونسية في عهد الإخوان بموظفين برتبة أنصار حزبيين.
خطوة ملغومة لكن محسوبة من طرف جماعة كانت تستهدف تفخيخ دوائر القرار بمنتسبيها وأنصارها للسيطرة على أجهزة الدولة وضمان وجودهم الدائم فيها.
وانطلقت تونس، منذ سبتمبر/ أيلول 2023، في عملية تدقيق في التعيينات التي أجراها الإخوان منذ 14 يناير/كانون ثاني 2011 حتى 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ قرارات رئاسية استثنائية رسمت بداية نهايتهم.
وشمل التدقيق حوالي 432 ألف توظيف، من بينها من تم تعيينهم في الوظائف الحكومية بناء على الولاءات.
وسبق أن تلقت الحكومة التونسية التقرير الختامي المتعلق بالتدقيق الشامل لعمليات التوظيف في القطاع الحكومي لكن عملية مراجعة هذا التدقيق يتطلب مزيدا من الوقت.
خطوة جديدة
بعد مرور عامين على تشكيلها، استمع البرلمان التونسي إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة خصصت لمتابعة ملف التدقيق الشامل في عمليات تعيين وتوظيف عناصر إخوانية في مؤسسات الدولة.
وعقدت الجمعة «لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد» بالبرلمان التونسي جلسة استماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة خصصت لمتابعة ملف التدقيق الشامل في عمليات التعيين والإدماج بالوظيفة الحكومية خلال الفترة الممتدة من 14 يناير/ كانون ثاني 2011 إلى 25 يوليو/ تموز 2021.
وبحسب بيان نشره البرلمان عبر موقعه الرسمي، واطلعت عليه «العين الإخبارية»، أوضح ممثلو رئاسة الحكومة أن هذا الإجراء يندرج في إطار تفعيل أحكام دستور 25 يوليو 2022، لاسيما الفصلين 19 و46.
وأضاف البيان أن الإجراء «يهدف إلى تعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، خاصة في ما يتعلق بإدارة الموارد البشرية».
وأكد ممثلو رئاسة الحكومة أن عمليات التدقيق شملت هياكل الدولة كافة، من وزارات ومؤسسات حكومية وبنوك ذات مساهمة عمومية ومجلس نواب الشعب.
وجرت العمليات بإشراف لجنة قيادة يترأسها رئيس الحكومة، وتضم 26 لجنة تدقيق بمشاركة 436 متفقدًا ومراقبًا من مختلف أجهزة الرقابة، وفق البيان ذاته.
وجرى التطرق إلى أبرز الإخلالات التي تم رصدها، ومنها ما تعلق بإجراءات التعيينات وشروطها، بالإضافة إلى وجود شهادات علمية غير مطابقة أو مدلسة(مزورة).
وتم التأكيد على أن بعض الملفات تعذر استكمال دراستها بسبب نقص الوثائق، مما استوجب تمديد الآجال القانونية الممنوحة للجان التدقيق.
من جهتها، أكدت لجنة البرلمان أهمية هذا المسار الرقابي، مؤكدة ضرورة استكماله في أقرب الآجال لتطهير المؤسسات الحكومية من الانتدابات غير القانونية.
واقترحت لجنة البرلمان توسيع فترة التدقيق، كما طالبت بإحصائيات مفصلة حول الملفات التي شابتها خروقات وإحالتها على القضاء طبقًا للفصل 7 من الأمر الحكومي عدد 591.
التطهير.. خطوة للإصلاح
عمدت حركة النهضة، الجناح السياسي لإخوان تونس، منذ 2022، إلى تعيين أتباعها بمناصب بمؤسسات الدولة حسب الولاء، وليس على أساس الكفاءة والتجربة، في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية.
ويرى مراقبون أن اختراقات الإخوان كانت متشعبة داخل مؤسسات الدولة، موضحين أن التدقيق الشامل يحتاج مزيدا من الوقت كي لا يظلم أحد.
وقال المحلل السياسي التونسي عبد المجيد العدواني إن نتائج التدقيق ستغلق الباب نهائيا أمام انتدابات الإخوان على أساس الولاءات الحزبية.
وأوضح العدواني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه «إثر انتهاء عملية التدقيق سيتم التخلي عن جماعة الإخوان المتغلغة داخل الدولة وتعويضهم بكفاءات تونس من العاطلين عن العمل».
وأشار إلى أن «أكثر من 400 ألف تابعين للإخوان تم إدماجهم بطرق غير قانونية داخل مؤسسات الدولة عن طريق تزوير شهائد علمية لأنصارها ممن كانوا في السجون».
وشدد على أن «الرئيس قيس سعيد حريص على استكمال هذا الملف من أجل قطع الطريق على من تسلّلوا إلى الإدارة التونسية لغايات سياسية ويعملون حاليا لمصلحة الإخوان».
وبحسب الخبير، فإن «حركة النهضة أغرقت الوظائف الحكومية بجماعتها وأنصارها والموالين لها وأنهكت خزائن الدولة بأعباء مضاعفة».
وفي سبتمبر/ أيلول 2013، اتهم عبدالقادر اللباوي، رئيس الاتحاد التونسي لـ”المرفق العام وحياد الإدارة” آنذاك، الائتلاف الحاكم وخاصة حركة النهضة، بتعمد “زرع أعضائها في مفاصل الدولة ومؤسساتها بشكل أصبحت معه غير محايدة”.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز