اقتصاد

سارة نتنياهو والدولة العميقة.. «تسييس» الألم لتبرير ضرب القضاء؟


نادرا ما تتحدث سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، للإعلام، لكنها حينما تفعل تثير الجدل الواسع في إسرائيل.

وتصدرت نتنياهو عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية، مساء الجمعة، بعد بث مقطع من مقابلتها للارا ترامب في برنامجها “وجهة نظري” على قناة فوكس نيوز في معاينة للحلقة المقرر بثها يوم السبت.

ماذا قالت سارة نتنياهو؟

قالت سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الدولة العميقة في إسرائيل تلاحق عائلتها وتحاول تقويض حكومة زوجها.

سارة نتنياهو، المثيرة للجدل في إسرائيل واليت لا تتحدث عادة للإعلام الإسرائيلي كانت تتحدث في مقابلة مع لارا ترامب، زوجة ابن الرئيس الأمريكي، في برنامجها على قناة فوكس نيوز الأمريكية.

وقالت سارة نتنياهو، في المقابلة التي تبث كاملة يوم السبت: “لديكم دولة عميقة في الولايات المتحدة لاحقت الرئيس ترامب وعائلته، ولدينا نفس النوع من الدولة العميقة في إسرائيل التي لاحقت زوجي، وأنا، وأبنائي، وعائلتي”.

وأضافت: “هذه نخب يسارية متطرفة صغيرة نسبيًا أسستها دول أجنبية وغيرها، وتشغل مناصب مؤثرة في مؤسسات رئيسية (في إسرائيل)، تسيء استخدام نظام العدالة، لمحاولة التخلص من حكومة انتُخبت بطريقة ديمقراطية، ولا يهمهم إن كانوا يقوضون الديمقراطية في ثقة الجمهور”.

وقالت: “هناك دولة عميقة في الولايات المتحدة تلاحق الرئيس ترامب وعائلته، ولدينا نفس النوع من الدولة العميقة في إسرائيل التي تلاحق زوجي وأنا وأبنائي وعائلتي”.

وأضافت نتنياهو أن “هذه مجموعات صغيرة إلى حد ما من النخب اليسارية المتطرفة، التي أنشأتها دول أجنبية وغيرها، وتشغل مناصب مؤثرة داخل المؤسسات الرئيسية”.

ويواجه نتنياهو اتهامات في 3 ملفات أساسية بتلقي الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة ولكنه ينفي هذه الاتهامات.

وتدخل المحاكمة مرحلة حاسمة الأسبوع القادم حيث أن من شأن تثبيت الاتهامات ضد نتنياهو في المحكمة المركزية ولاحقا المحكمة العليا أن تؤدي إلى عقوبة السجن.

وبحسب سارة نتنياهو فإنه “تعمل الدولة العميقة في إسرائيل مع عناصر الدولة العميقة في الولايات المتحدة”.

وقالت: “انظروا ماذا فعلوا بالرئيس ترامب وعائلته. فعلوا نفس الأشياء المماثلة مع زوجي وعائلتي، ومع أبنائي، حيث قدموا تحقيقات سخيفة واتهامات مليئة بالأكاذيب”.

واستدركت: “القضايا تنهار الآن في المحكمة لأنها خالية من الحقيقة على الإطلاق”.

وأضافت: “كان لزوجي طلب رئيسي واحد لمحاكمته. طلب مرارًا وتكرارًا بث الأمر برمته على التلفزيون، حتى يتمكن الجميع من رؤية مدى سخافة القضايا بأنفسهم. ولكن رُفض الطلب، إلا أن الناس ما زالوا يشاهدون القضايا تنهار، رغم محاولات الدولة العميقة”.

ردود الأفعال

عنونت صحيفة “معاريف” عنها قولها في المقابلة: “الدولة العميقة تطاردنا”، أما يديعوت أحرونوت فقد عنونت: “سارة نتنياهو في مقابلة مع زوجة ابنة ترامب: نفس النوع من الدولة العميقة يطاردني وزوجي”.

أما هيئة البث الإسرائيلية فقد عنونت: “سارة نتنياهو في مقابلة في الولايات المتحدة: الدولة العميقة تطارد زوجي”، فيما عنونت صحيفة “إسرائيل هيوم”: “سارة نتنياهو في مقابلة مع زوجة ابنة ترامب: في إسرائيل دولة عميقة تضطهد زوجي”.

وهذه هي المرة الثانية التي تتحدث فيه سارة نتنياهو للإعلام هذا الأسبوع، لكن الأجنبي.

فقبل أيام نشرت مجلة مندينر المجرية مقابلة معها تحت عنوان «سيدة إسرائيل الحديدية»، وفيها قالت: “المشكلة في إسرائيل ليست في السياسة، بل الجماعات اليسارية المتطرفة التي ترفض قبول إرادة الناخبين. إنهم يريدون الإطاحة برئيس الوزراء اليميني”.

وأضافت: “هذا ليس نقدا مشروعا، بل تخريب. بنيامين نتنياهو يعمل ليلا ونهارا لدولة إسرائيل، وقد حقق إنجازات رائعة يقدرها ويحترمها معظم الجمهور”.

وعندما سئلت نتنياهو عما إذا كانت تعتقد أن هناك “دولة عميقة” في إسرائيل، أجابت: “للأسف، نعم، ويرى معظم الجمهور بالفعل أن هذا يضر بشدة بالديمقراطية الإسرائيلية. هذا واضح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر برئيس الوزراء والحكومة اليمينية. تحاول هذه الشبكات الإطاحة بحكومة منتخبة من خلال التهديدات والتحقيقات التي لا أساس لها من الصحة التي تنهار الواحدة تلو الأخرى. هذه محاولة لإبطال إرادة الشعب”.

وتابعت: “من السخف أن يعود رئيس الوزراء من زيارة دبلوماسية مهمة ويتم استدعاؤه إلى المحكمة بعد ساعتين من هبوطه، دون أن يحصل على يوم راحة. يجب أن تخدم هذه الأنظمة جميع مواطني إسرائيل وألا تستخدم كسلاح سياسي. هذه ظاهرة خطيرة وحقيقية”.

ومن غير الواضح لماذا امتنعت سارة نتنياهو عن الإدلاء بهكذا تصريحات إلى الإعلام الإسرائيلي.

لكن نتنياهو نفسه يعتبر أن الإعلام الإسرائيلي معادٍ له، لذلك يتحدث مؤخرا إلى الإسرائيليين من خلال مقاطع فيديو يجيب فيها على أسئلة تتعلق بالقضايا العامة.

تصريحات أشعلت مواقع التواصل

وأشعلت تصريحات سارة نتنياهو لقناة “فوكس نيوز” ردود الفعل في شبكات التواصل.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، مساء الجمعة: “المقاطع غير العادية لزوجة رئيس الوزراء، التي نادرا ما تتم مقابلتها، غمرت الإنترنت بنقاش حيوي حول سلوكها، مع مزاعم بالانفصال عن الواقع في خضم أزمة المختطفين”.

وقالت الإسرائيلية ديبورا الترمان على منصة “إكس”: “الخيار بأيدينا – إما أن نهتم بمستقبل أطفالنا وأحلامهم الآن، أو أن نترك عائلة نتنياهو تبني مستقبلها على ظهورنا. هذا ما يحدث في هذه اللحظات، جيلنا بأكمله يُسحق من أجل سارة ويائير (ابن نتنياهو). هل ترغبون في التضحية بأطفالكم؟”.

أما نيتا ألون فقد كتبت على منصة “إكس” معلقة: “الخيار بسيط: إما أن نستثمر الآن في مستقبل أبنائنا وأحلامهم، أو أن عائلة نتنياهو ستستغلنا لتحقيق أحلامها – وهذا ما يحدث بالضبط. نُستغل، ويُدمر مستقبلنا، فقط من أجل سارة ويائير. من مستعد للتضحية بأطفاله من أجل هذا؟”.

لماذا الآن؟

ثمة جدل كبير في إسرائيل حول وجود أو عدم وجود دولة عميقة في إسرائيل، ففي حين يؤكدون المسؤولون في الحكومة اليمينية وجودها فإن المعارضة تنفي.

لكن اللافت في تصريحات سارة هو أنها ربطت ما أسمتها الدولة العميقة في إسرائيل بدول خارجية بما فيها في الولايات المتحدة الأمريكية.

ومعروف عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين تجنبه الصدام مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل ومحاولة التقرب منه عبر الحديث عن تعرضهما لنفس المعاملة.

فكلاهما كانا وما زالا يتعرضان لهجمات من الإعلام سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل.

وفي 19 مارس/آذار الماضي كتب نتنياهو على منصة “إكس”: “في أمريكا وإسرائيل، عندما يفوز زعيم يميني قوي في الانتخابات، تقوم الدولة العميقة اليسارية باستخدام النظام القضائي كسلاح سياسي لإحباط إرادة الشعب. لكنهم لن ينتصروا في أي من البلدين! نحن نقف معًا بقوة”.

ولربما جاء اختيار سارة نتنياهو لقناة فوكس وزوجة ابن الرئيس الأمريكي لهذا الغرض تحديدا؛ فالقناة مقربة جدا من ترامب وهي متابعة من قبل القاعدة الانتخابية للرئيس الأمريكي.

ويحاول نتنياهو والوزراء في حكومته تحميل “الدولة العميقة” المسؤولية عن الاتهامات الموجهة لنتنياهو بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.

وعندما يتحدثون عن الدولة العميقة فهم يشيرون إلى قضاة المحكمة العليا ووسائل الإعلام والمسؤولين في مكتب النائب العام الإسرائيلي.

لكن.. هل توجد دولة عميقة فعلا بإسرائيل؟

في مقال له بصحيفة “يديعوت أحرونوت” في نهاية أبريل/نيسان الماضي، كتب آفي شيلون: “كيف يمكن أن يبقى هؤلاء الموظفون في مناصبهم، بعد خمسة عقود من حُكم اليمين، إذا كانوا سيئين إلى هذا الحد؟ – ففي الإمكان استبدالهم بخبراء آخرين. لكن نتنياهو ومؤيّديه لا يقترحون مجموعة جديدة من الخبراء، بل يكتفون باتهامات ضد سياسة تخريبية ينتهجها الموظفون. الحقيقة هي أن الحكومة تملي السياسات فعلاً، لكن مشكلتها تكمن مع موظفي الدولة الذين يلتزمون بواجباتهم المهنية، وليسوا مستعدين لإخضاع مواقفهم للإرادة السياسية”.

لكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يردد دائما بأن هناك دولة عميقة في إسرائيل تريد إسقاط حكومة اليمين برئاسة نتنياهو.

ويستخدم وزراء الحكومة هذا الادعاء لدعم مخطط الحكومة تغيير القوانين في إسرائيل للحد من صلاحيات المحاكم وبخاصة المحكمة العليا.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى