70 من قادة العالم يناقشون مستقبل المحيطات في «نيس»
ستكون حماية المحيطات الملوّثة والتي تشهد مياهها احترارا وصيدا مفرطين، في صلب “مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات” الذي تستضيفه نيس في الأسبوع المقبل، في حين يعوّل كثر على تمويل وتدابير ملموسة لحماية الحياة البحرية.
ينعقد المؤتمر من التاسع من يونيو/حزيران إلى الثالث عشر منه، وسيشهد مشاركة مجتمع دولي منقسم حول قضايا المحيطات الرئيسية، ألا وهي التعدين في قاع البحار، والمعاهدة الدولية بشأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد المفرط.
اعتبارا من الأحد المقبل، يجتمع 70 من قادة دول العالم، بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وآلاف من المندوبين والعلماء وممثلي المنظمات غير الحكومية، في مدينة نيس الواقعة على ساحل أحد أكثر بحار العالم تلوثا، البحر الأبيض المتوسط الذي سجّلت حرارة مياهه في الصيف الماضي مستوى قياسيا بلغ 28.9 درجة مئوية.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لي جون هوا إن “صحة المحيطات تتدهور، ومعها رفاه البشر”، معتبرا أن “المحيطات في حالة طوارئ”.
تغطي المحيطات 70.8% من مساحة سطح الكرة الأرضية، وتشهد منذ عامين موجات حر غير مسبوقة تهدد كائناتها الحية.
وقالت سفيرة كوستاريكا لدى الأمم المتحدة ماريتسا تشان إن المؤتمر سيتيح “إما عكس المسار الانحداري الذي تشهده المحيطات بحلول العام 2030، وإما توثيق فشل البشرية في التحرك”.
وكوستاريكا مشاركة مع فرنسا في تنظيم المؤتمر.
تتطلّع تشان إلى جمع تمويل جديد قدره 100 مليار دولار من جهات عامة وخاصة لصالح التنمية المستدامة للمحيطات، وقالت إن “هذا ما يميّز” النسخة الثالثة من المؤتمر عن النسختين الأوليين، موضحة “صفر بلاغة، نتائج قصوى”.
غياب أمريكي
يفترض أن يفضي المؤتمر إلى اعتماد “خطة عمل تشغيلية” مع التزامات ملموسة من جانب الدول لحماية المحيطات، مرفقة بإعلان سياسي يجري التفاوض بشأنه منذ شهر ويبدو أنه يحظى بتوافق واسع النطاق.
يعتقد أن الولايات المتحدة التي تُعتبر أكبر مجال بحري في العالم، لن ترسل وفدا على غرار ما فعلت في المفاوضات المناخية.
ففي نهاية أبريل/نيسان، قرّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحاديا فتح المجال أمام التعدين في المياه الدولية للمحيط الهادئ، متجاوزا “السلطة الدولية لقاع البحار”، الهيئة الحكومية الدولية غير المنتمية إليها الولايات المتحدة لعدم مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وفق رئيسة وفد منظمة غرينبيس ميغن راندلز “سيكون الأمر أشبه بجس للنبض بالنسبة للطموحات المختلفة، لمعرفة أين تتموضع الدول بالنسبة للحوكمة العالمية للمحيطات”.
حدّدت فرنسا أهدافا طموحة لهذا المؤتمر الأممي الأول الذي يعقد على أراضيها منذ مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب21” الذي استضافته باريس في العام 2015.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إن فرنسا “تسعى ليكون المؤتمر موازيا بالنسبة للمحيطات، لما كان عليه اتفاق باريس، قبل عشر سنوات، بالنسبة للمناخ”.
أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أشهر عدة عن رغبته في جمع 60 مصادقة في نيس للسماح بدخول معاهدة حماية أعالي البحار حيّز التنفيذ.
من دون ذلك، سيكون المؤتمر “فاشلا”، وفق موقف أدلى به السفير الفرنسي لشؤون المحيطات أوليفييه بوافر دارفور في مارس/آذار.
تهدف المعاهدة التي اعتمدت في العام 2023 ووقعتها 115 دولة إلى حماية النظم البيئية البحرية في المياه الدولية التي تغطي نحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض. وقد صادقت عليها إلى الآن رسميا 28 دولة والاتحاد الأوروبي.
تشكيك
تأمل فرنسا أيضا توسيع نطاق التحالف المؤلف من 32 دولة والذي يؤيد تجميد التعدين في قاع البحار.
من المتوقع أن تتطرق النقاشات غير الرسمية بين الوفود أيضا إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى معاهدة لمكافحة التلوث البلاستيكي والتي ستستأنف في أغسطس/آب في جنيف، في حين تأمل باريس الدفع قدما نحو المصادقة على الاتفاقيات المتّصلة بمكافحة الصيد غير القانوني والصيد المفرط.
وقال بي بي كلارك، مسؤول الصندوق العالمي للحياة البحرية، المنظمة غير الحكومية، فإن هذه المؤتمرات وعلى خلفية أزمة التعددية “تثير تشكيكا يمكن تفهّمه، لكن من الأهمية بمكان وجود منتدى عالمي ينصب تركيزه على المحيطات”.
وقال كلارك في تصريح لوكالة فرانس برس “يجب أن يشكّل هذا المؤتمر نقطة تحوّل من حيث الطموح”.
ورأت أنجيليك بوبونو، مفاوضة تحالف الدول الجزرية الصغيرة المطالب بزيادة التمويل، أن “الإشارات إلى الآن غير مشجّعة”.
وقالت في تصريح لفرانس برس إنه مع “وجود الكثير من الأزمات والأحداث على جدول الأعمال العالمي، من الصعب أن نكون واثقين من أن تبلور طموح كاف”.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز