اقتصاد

حرب أسعار محتدمة بين كبار صناعة السيارات الكهربائية في الصين


شهد منتدى تشونغتشينغ للسيارات 2025 تصاعدًا حادًا في التوترات بين كبار مسؤولي صناعة السيارات الكهربائية في الصين.

جاء هذا بشكل خاص بين شركات BYD، جيلي، وجريت وول موتور، في ظل حرب أسعار شرسة وتراجع هوامش الربح.

وبدأت المواجهات عندما اتهم لي يونفاي، مدير العلامة التجارية في BYD، منافسين مجهولين باستخدام “حيل قذرة” وحملات تشويه تهدف للتأثير على الرأي العام، مما أظهر تراجع وحدة القطاع التي دعا إليها رئيس BYD وانغ تشوانفو قبل عامين بشعار “معًا، نحن صناعة السيارات الصينية”.

ورد فيكتور يونغ، نائب رئيس جيلي، منتقدًا هذه الاتهامات، واصفًا إياها بمحاولة تضليل ومحذرًا من أن النزاعات يجب أن تحل عبر التدقيق التنظيمي لا النداءات العاطفية.

تحديات وشيكة

ولم تقتصر النزاعات على BYD وجيلي، إذ حذر رئيس GWM، وي جيانجون، من أزمة وشيكة في القطاع، بينما اشتبك كبار المسؤولين التنفيذيين من هواوي وشاومي في تبادل اتهامات على خلفية نجاحات منتج معين، مما عكس انقسامات واضحة داخل الصناعة. وفي المقابل، دعا نائب رئيس تشيري، لي شيوييونغ، إلى التركيز على القدرات الأساسية لصناعة السيارات لتحقيق استدامة طويلة الأمد رغم المنافسة الشديدة.

دافع لي يونفاي عن سياسة BYD بعدم تسمية المنافسين مباشرةً، معتبراً أن ذلك جاء بناءً على توجيهات داخلية للحفاظ على الاحترافية، لكنه وصف بعض المنافسين بـ”الحمقى والضارين” وطالب بتدخل حكومي لوقف حملات التضليل المنسقة.

في المقابل، رفض فيكتور يونغ ما سماه المواقف الأخلاقية، مؤكدًا أن القانون هو المرجع الوحيد لحل النزاعات، وهو موقف دعمته شخصيات أخرى مثل نائب مدير GAC Aion، وشدد رئيس سيريس على أن البيئة التنافسية الحالية باتت غير مستدامة بسبب تراجع الأرباح وانخفاض الاستثمار في الابتكار.

أسباب جذرية

التوترات تعود جذورها إلى حرب أسعار محتدمة، إذ شهد عام 2023 تخفيض أسعار لأكثر من 200 طراز، واستمر ذلك في 2025 مع أكثر من 60 طرازًا في الأشهر الأربعة الأولى وحدها، ووصل ذروته في مايو/أيار مع خصومات على أكثر من 100 طراز.

وهذه الحرب أدت إلى انهيار هوامش الربح التي تراجعت إلى 3.9% في الربع الأول من 2025 مقارنة بـ8.99% عام 2014، ما أدى إلى سوق يتسم بتراجع الصحة المالية رغم النمو في المبيعات.

وردًا على هذه الأوضاع، أدانت جمعية مصنعي السيارات الصينية الممارسات التنافسية غير العادلة مثل البيع بأسعار تحت التكلفة بهدف الإطاحة بالمنافسين، فيما حذرت غرفة وكلاء السيارات من الضغط المفرط على الوكلاء بأهداف مبيعات غير واقعية، مؤكدة أن هذه الأساليب غير مستدامة.

وتلك التحركات تعكس تحولًا من الدعوات الأخلاقية إلى فرض القوانين والتنظيمات، خصوصًا مع زيادة حصة السيارات الكهربائية في السوق لتتجاوز 40%، مما يدفع القطاع إلى حدود النمو المدعوم بالحجم. في السابق، كان المصنعون محميين بدعم الدولة وهوامش ربح مرتفعة، لكن الآن يواجهون ضغوطًا بين ضرورة خفض الأسعار للحفاظ على تنافسيتهم، وبين الحاجة إلى استثمار كبير في تقنيات متقدمة مثل القيادة الذاتية والبطاريات الصلبة.

والتداعيات بدأت تظهر بوضوح، حتى على شركات عالمية مثل تسلا التي شهدت تراجع مبيعاتها في أوروبا بنسبة 36% في الربع الأول من 2025، مع خسائر أكبر في دول مثل ألمانيا وفرنسا التي تجاوزت 60%.

حرب الأسعار أدت إلى انهيار هياكل التسعير المربحة سابقًا، مما خلق سوقًا لا تضمن فيه زيادة المبيعات الربحية.

مع دخول صناعة السيارات الكهربائية مرحلة وسطى حرجة، تضاعف الشركات رهاناتها وسط تقلص هامش الخطأ وتزايد تكاليف البقاء في المنافسة. تبقى التساؤلات حول ما إذا كانت المواجهات الأخيرة في المنتدى تشير إلى نقطة تحول في الصناعة أم مجرد اشتباكات عابرة في صراع مستمر. لكن المؤكد أن عصر الوحدة في صناعة السيارات الصينية قد انتهى، وحل محله صراع من أجل البقاء وسط تحديات اقتصادية وتقنية متزايدة.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى