اقتصاد

بدون ترامب.. هل تملك كييف فرصة لحسم الحرب؟


في أوكرانيا، تتقاطع السيناريوهات، إذ تندفع كرة المفاوضات أحيانا، لتصطدم بخطط الحسم العسكري، ويظهر الدور الأمريكي بقوة ثم يعود للخلفية.

لكن من الواضح أن آفاق أوكرانيا في ساحة المعركة ضد روسيا قد تضاءلت عندما تولت إدارة دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة.

إذ أشار ترامب باستمرار إلى أن المساعدات العسكرية التي تشبه أي شيء قريب من تلك التي وفرتها إدارة الرئيس جو بايدن، ليست خيارا متاحا.

وهكذا أصبح طريق أوكرانيا إلى مستقبل آمن وسيادي أضيق بكثير، لدرجة أن التشاؤم القاتم خيم على العديد من المراقبين الأوروبيين، وفق مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

إلا أن التشاؤم المفرط لا مبرر له، على حد قول المجلة، ويؤدي إلى نتائج عكسية. فأوكرانيا “تنتج بالفعل أكثر أسلحة الجبهة الأمامية تطوراً في العالم وتبتكر بدهاء في ساحة المعركة”.

المجلة مضت قائلة “لقد سبق لها أن هزمت روسيا في مسرح البحر الأسود، ومؤخراً قامت بانقلاب آخر في عملية شبكة العنكبوت، حيث استهدفت 41 طائرة بضربات جوية بطائرات بدون طيار في العمق الروسي ومن المحتمل أن تكون قد دمرت 10 طائرات على الأقل”.

ولذلك، خلصت إلى أنه طالما أن إصرار الأوكرانيين على القتال لم يتراجع، فهناك استراتيجيات متاحة لمساعدتهم على الانتصار – حتى من دون دعم أمريكي بالمستويات التي اعتادوا عليها.

وبعد محاولات عدة من واشنطن لفرض السلام في أوكرانيا، ستكون النتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن يلوم ترامب كلاً من موسكو وكييف على عدم تنفيذ تعليماته والانسحاب من المشاركة النشطة في الدبلوماسية، مع وقف إمدادات الأسلحة الأمريكية إلى كييف.

ولكن الأهم من ذلك هو أن إدارة ترامب لن تتخلى عن أوكرانيا بشكل كامل. فصانعو السياسة الأمريكية، وبينهم أغلبية من الجمهوريين، يدركون أن هناك الكثير مما يمكن أن تخسره واشنطن من انهيار أوكراني محتمل.

معلومات استخباراتية

يقول المطلعون في واشنطن الذين يتعاملون مع إدارة ترامب بشأن أوكرانيا، إن البلاد لن تعلق وصول أوكرانيا إلى معلومات الأقمار الصناعية الأمريكية، والتي كانت حاسمة في ساحة المعركة.

ومنذ بدء الحرب، أتاحت وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية الأمريكية لأوكرانيا إمكانية الوصول إلى منصة تجارية لصور الأقمار الصناعية التي تستخدم صور الرادار عالية الدقة لتتبع تحركات القوات الروسية، والتي يستخدمها الجيش الأوكراني للتخطيط للهجمات المضادة.

وكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، يعتمد الجيش الأوكراني بشكل كبير على الإحداثيات من الاستخبارات الأمريكية في معظم عملياته التي تنطوي على ضربات بعيدة المدى.

ووفق فورين بوليسي، هذه التقنية واحدة من القطع التكنولوجية القليلة التي لا يمكن للأوكرانيين ولا لحلفائهم الأوروبيين استبدالها. فبدونها، ستجد كييف نفسها في وضع غير مواتٍ لا تحمد عقباه.

ولكن هذا لن يحدث، لأن استمرارها يمكّن الولايات المتحدة من أن يكون لها إصبع في الحرب بدلاً من الوقوف على الهامش كمراقب عديم الفائدة.

دور أوروبا

وبغض النظر عن تبادل المعلومات الاستخباراتية، فإن حسم أوكرانيا للحرب يتوقف الآن على أن تتقدم أوروبا كحليف مهيمن ومتبرع قوي، وهناك كل الدلائل على أنها تفعل ذلك بالضبط، وإن كان ببطء.

فالقوى الأوروبية الرائدة، فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبولندا، وفرت مبالغ هائلة لتسليح أوكرانيا.

ومن المؤكد أن أوروبا ستبذل جهداً كبيراً لاستبدال بعض المعدات الأمريكية التي تستخدمها كييف، لا سيما الدفاعات الجوية. ففي الوقت الراهن، تستخدم كييف أنظمة وفرت واشنطن حصة الأسد منها، منذ أنظمة ”هيمارس“ وصواريخ ”أتاسمز“، وذخيرة مدافع الهاوتزر، والأنظمة المضادة للطائرات بعيدة المدى مثل ”باتريوت“.

 قال باحثون في تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في مايو/أيار الماضي، ”يمكن لأنظمة الدفاع الصاروخية الأوروبية أن تساعد في الدفاع عن أوكرانيا ضد ضربات صواريخ كروز الروسية، لكن نظام باتريوت الأمريكي هو النظام الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي يمكنه الدفاع ضد هجمات الصواريخ الباليستية الروسية‘.

لذلك، يمكن للأوروبيين ببساطة شراء هذه الأنظمة من الولايات المتحدة. وهذه صفقة قال ترامب إنه مهتم بها، وفق فورين بوليسي.

وختمت المجلة تقريرها بالقول: “إذا لم تكن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب كييف، فعلى أوروبا أن تقف إلى جانبها، ويمكنها ذلك”، ما يدعم مسار كييف الضيق لحسم الحرب.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى