الإمارات وأمريكا.. شراكة الطاقة الوثيقة تفتح آفاق النمو المزدهر للعالم
في ظل تحديات عالمية تؤثر على قطاع الطاقة، وما يرتبط به من التزامات مناخية معقدة، برزت الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة، كركيزة أساسية لتحقيق مستقبل مستدام يخدم مصالح الطرفين ويؤمن فرص النمو المزدهر للكوكب.
علاقات الشراكة الاستراتيجية الوثيقة في قطاع الطاقة بين الإمارات وأمريكا، تٌوّجت بشكل واضح مع زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى واشنطن في مارس/ آذار الماضي، ثم قيام كريس رايت وزير الطاقة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بزيارة الإمارات في أول زيارة خارجية رسمية له منذ توليه مهامه لتكون أول محطة ضمن جولته الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.
شراكة بالمليارات
تعمل الإمارات والولايات المتحدة على تعزيز الاستثمارات المتبادلة في مجال الطاقة، إذ تمتلك الإمارات استثمارات مهمة في سوق الطاقة الأمريكي بأكثر من 70 مليار دولار حتى الآن من خلال أدنوك ومصدر وXRG، وفقا لبيانات وكالة أنباء الإمارات وام في مارس/ آذار 2025.
وتمثل الطاقة بأنواعها من نفط وغاز منخفض الكربون وهيدروجين وطاقة شمسية ورياح، من أبرز قطاعات الاستثمار المشترك بين البلدين.
“مصدر”.. تعاون لدفع الطاقة النظيفة
ويبرز ذلك من خلال الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة PACE، التي تهدف إلى تعبئة 100 مليار دولار لإنتاج 100 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035.
وتتضمن الشراكة تخصيص 20 مليار دولار أمريكي لتمويل مشاريع طاقة نظيفة بقدرة 15 غيغاواط في الولايات المتحدة قبل عام 2035.
واستثمرت شركة مصدر الإماراتية في 11 مشروعا للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2025، أعلنت “مصدر”، عن استكمال صفقة الاستحواذ على حصة 50% في شركة “تيرا-جن باور هولدينغز”، إحدى أكبر شركات إنتاج الطاقة المتجددة المستقلة في الولايات المتحدة الأمريكية، من شركة “إنرجي كابيتال بارتنرز”.
وخلال زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، أعلنت كل من “القابضة” الإماراتية التي تركز على الاستثمار في البنية التحتية الأساسية وشبكات التوريد، و”إنرجي كابيتال بارتنرز” أكبر شركة خاصة تعمل في قطاع توليد الطاقة والطاقة المتجددة في الولايات المتحدة الأمريكية، عن إبرام شراكة بالمناصفة لتأسيس مشروع مشترك مقره الولايات المتحدة، لاستثمار 25 مليار دولار في مشاريع جديدة لتوليد الطاقة.
كريس رايت من داخل “أدنوك”: “الإمارات تبهرنا”
خلال زيارته الهامة للإمارات، حرص كريس رايت، على القيام بجولة في واحدة من أكبر قلاع الطاقة في العالم والمنطقة “أدنوك”.
ومن داخل مقر شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك”، أشاد كريس رايت بالتقدم التقني الكبير والثقافة المؤسسية القوية التي يتمتع بها قطاع الطاقة في الإمارات، وقال جملته الأثيرة: “الإمارات تبهرنا بتطورها”.
علاقات بين الكبيرين
والإمارات والولايات المتحدة من كبار منتجي الطاقة على مستوى العالم، كما تربطهما علاقة استراتيجية قوية أثبتت متانتها خلال الأزمات وفي أوقات الاستقرار على حد سواء، وفقا لما يراه وزير الطاقة الأمريكي، الذي أكد أن الشراكة طويلة الأمد بين البلدين في مجال الطاقة مرشحة لمزيد من النمو والازدهار.
ومن المتوقع بشكل كبير، أن تشهد المرحلة المقبلة تعاوناً وثيقاً بين الإمارات والولايات المتحدة في مجالي الطاقة والذكاء الاصطناعي، يتضمن استثمارات ضخمة في الاتجاهين.
XRG.. بوابة الاستثمار
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أعلنت “أدنوك” عن إطلاق “XRG” الشركة الاستثمارية الدولية المتخصصة في مجالي الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات، بقيمة مؤسسية أكثر من 290 مليار درهم (80 مليار دولار).
ولدى زيارته لأدنوك في أبريل/ نيسان 2024، قال وزير الطاقة الأمريكي إن إطلاق شركة XRG يفتح فرصاً كبيرة لاستثمارات إماراتية في الولايات المتحدة، وكذلك استثمارات أمريكية في الإمارات، تشمل تدفقات رأس المال والتكنولوجيا.
وأوضح كريس رايت أن تدفقات رؤوس الأموال والتقنيات تسير في الاتجاهين، مشيداً بمستوى التكنولوجيا المستخدم في إنتاج النفط والغاز بالإمارات.
وتواءم تصريحات كريس رايت، إعلان الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لأدنوك ومجموعة شركاتها، في فبراير/ شباط 2025، أن استثمارات “أدنوك” في الولايات المتحدة أصبحت تابعة لذراعها الاستثمارية العالمية “XRG”.
وتتركز استثمارات أدنوك في الولايات المتحدة في محطة هيدروجين تابعة لشركة إكسون موبيل ومنشأة للغاز الطبيعي المسال تابعة لشركة نيكست ديكيد.
شراكة لنهضة العالم
ترتكز أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خفض تكاليف الطاقة كوسيلة لتحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز تنافسية الشركات وزيادة الاستثمارات.
ووفقا لما قاله كريس رايت، فإن الإدارة الأمريكي الحالية تسعى إلى دعم نمو الطلب على الطاقة من خلال التوسع في الذكاء الاصطناعي، وإعادة توطين الصناعات، ورفع مستوى المعيشة.
وأوضح أن العالم يواجه حاجة متزايدة للطاقة في ظل تطلّع نحو سبعة مليارات شخص إلى مستويات معيشة تضاهي الدول المتقدمة، مضيفاً أن الإمارات تمتلك إمكانات هائلة لتوسيع إنتاجها من الطاقة، وكذلك الولايات المتحدة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيقود المرحلة القادمة من الطلب على الطاقة، خصوصًا على الغاز الطبيعي والكهرباء، مشيراً إلى أن الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال، ما يعزز من فرص الشراكة المستقبلية.
وجهة النظر ذاتها أكد عليها مرارا، الدكتور سلطان الجابر، عندما أشار في مناسبات دولية عديدة، وجود ما يقرب من مليار شخص لا يزالون يفتقرون إلى الحد الأدنى من الوصول إلى الطاقة، وارتفاع متطلبات الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الكهرباء من حوالي 9000 غيغاواط حاليًا إلى 15000 غيغاواط بحلول عام 2035، وقد يصل إلى 35000 غيغاواط بحلول عام 2050.
كما دعا الدكتور سلطان الجابر العالم إلى التوقف عن الحديث عن إلغاء خيارات الطاقة، والتركيز بدلًا من ذلك على تبني تنوع الطاقة.
الذكاء الاصطناعي.. أرض خصبة لتنمية الشراكات
يتطلب الذكاء الاصطناعي استثمارات كبيرة وخبرات متقدمة، وهو ما يشكّل أرضية خصبة لشراكات استراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، وفقا لكريس رايت.
وقال إن الولايات المتحدة تستعد لمرحلة جديدة من النمو القوي في الطلب على النفط والغاز خلال السنوات المقبلة، بالتوازي مع الزيادة المتوقعة في الإنتاج، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون عاملاً رئيسياً في هذا النمو، لا سيما من خلال زيادة الطلب على الغاز الطبيعي والكهرباء.
وهذا أيضا ما أكد عليه الدكتور سلطان الجابر، عندا قال إن نمو الأسواق الناشئة، والتحول في أنظمة الطاقة وأيضاً “النمو الهائل للذكاء الاصطناعي” هي اتجاهات ضخمة من شأنها أن تغير المستقبل وتدفع الطلب على الطاقة.
ويمثل الذكاء الاصطناعي قطاعًا ناشئًا وصل إلى نقطة تحوّل، ويتطلب استهلاكًا عاليًا للطاقة لتحويلها إلى معرفة.
وأشاد رايت بدور الإمارات الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنها من أوائل الدول التي طبّقت هذه التقنيات ضمن أنظمتها الطاقوية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز