اقتصاد

نهاية رجل الظل في معادلة القوة بطرابلس.. من هو غنيوة الككلي؟


ليلية ساخنة شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، زاد اشتعالها مقتل عبد الغني بلقاسم الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، الذي لا يعد حدثًا عابرًا في العاصمة الليبية طرابلس، بل نقطة تحول فارقة في توازنات القوى بين المجموعات المسلحة التي تتقاسم النفوذ في المدينة.

فالرجل الذي تدرّج من تاجر مخدرات إلى أحد أبرز قادة التشكيلات المسلحة، ظل طيلة العقد الأخير رقماً صعباً في المعادلة الأمنية الليبية، وشريكًا ضمنيًا في رسم حدود الاشتباك والتسويات.

ليلة طرابلس المتفجرة

وشهدت طرابلس مساء الإثنين واحدة من أعنف الليالي الأمنية منذ سنوات، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين تشكيلات مسلحة في الأحياء الجنوبية من المدينة، وسط تحذيرات من وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية التي دعت السكان للبقاء في منازلهم.

ورغم غياب الرواية الرسمية عن خلفيات التصعيد، إلا أن مصادر محلية أكدت أن الاشتباكات جاءت على خلفية مقتل «غنيوة»، الشخصية الأمنية الأكثر غموضاً في طرابلس، ما أدخل العاصمة مجدداً في حلقة النزاعات الدامية بين مليشيات تتنازع السلطة والشرعية.

من بنغازي إلى أبو سليم.. صعود الرجل الغامض

وُلد الككلي في مدينة بنغازي، لكنه نشأ في طرابلس، وتحديدًا في حي أبو سليم الشعبي، حيث كوّن شبكاته الأولى. لم يُكمل تعليمه، وانغمس في أعمال غير مشروعة مبكرًا، من بينها تجارة المخدرات، وقضى 14 عاماً في السجن بتهمة القتل.

مع اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011، أُفرج عنه، وسرعان ما شكّل ميليشيا «الأمن المركزي»، مستفيداً من فراغ الدولة ووفرة السلاح، وبات حي أبو سليم معقله الرئيسي، ونقطة انطلاق لنفوذ واسع في طرابلس.

من السجن إلى الشرعنة: «جهاز دعم الاستقرار»

عام 2021، قرر المجلس الرئاسي تحويل القوة التي يتزعمها غنيوة إلى كيان رسمي شبه حكومي، تحت مسمى «جهاز دعم الاستقرار».

ورغم الصبغة القانونية، ظل الجهاز محل اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، وإدارة معتقلات خارج الإطار القضائي.

وبينما حصل غنيوة على غطاء سياسي وأمني، لم يتخلّ عن أسلوبه في بسط السيطرة بالقوة، حيث واجه اتهامات بالتعذيب، والاختطاف، والابتزاز، وسط صمت رسمي عكس حجم تأثيره داخل دوائر الحكم في طرابلس.

«توازن الرعب» في الغرب الليبي

لم يكن غنيوة مجرد قائد مليشيا تقليدي، بل أحد مهندسي ما يمكن وصفه بـ«توازن الرعب» في الغرب الليبي، إلى جانب شخصيات مثل هيثم التاجوري وعبدالرؤوف كارة.

شارك بقوة في معارك «فجر ليبيا» 2014، ولعب أدواراً مزدوجة في أكثر من مواجهة داخلية، إذ عرف بتبديله السريع للتحالفات حسب المصلحة، وهو ما مكّنه من البقاء في قلب المشهد الأمني لعشر سنوات متواصلة.

مستقبل هش ومعادلة مرتجفة

مقتل غنيوة الككلي قد لا يُفضي بالضرورة إلى نهاية الفوضى الأمنية في طرابلس، لكنه يترك فراغًا في شبكة المصالح المعقدة التي تشكّلت حوله. ومن المرجّح أن تشهد المدينة محاولات لإعادة توزيع مناطق النفوذ بين التشكيلات المسلحة، وربما تصاعدًا في التوتر بين الأطراف التي ترى في غيابه فرصة لتوسيع نطاق تحرّكها.

وتبقى طرابلس رهينة لسيناريوهات مفتوحة، تبدأ بالاشتباكات المتقطعة، ولا يُستبعد أن تتطور إلى صدامات أشمل في حال فشل التهدئة أو غابت التسويات المؤقتة المعتادة.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى