اقتصاد

مقاتلات رافال F5.. قفزة فرنسية نحو الجيل السادس


في عالم تتسابق فيه القوى الكبرى للهيمنة على السماء، حيث لا تزال مشاريع الجيل السادس من المقاتلات حبيسة الورق أو الرؤى المستقبلية، تمضي فرنسا بهدوء وثقة في مشروعها الطموح: «رافال F5».

تلك النسخة المطورة من مقاتلتها متعددة المهام، التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي، والتخفي، والتكامل مع الطائرات دون طيار، والقدرة على خوض حروب الشبكات.

فهل تجاوزت «رافال» حدود جيلها بالفعل؟ وهل باتت فرنسا تملك ما يمكن اعتباره مقاتلتها الخاصة من الجيل السادس حتى قبل أن يُحسم عالميًا تعريف هذا الجيل الجديد من الطائرات الحربية؟ بينما تتعثر أمريكا في برنامج NGAD، ويتباطأ الأوروبيون في مشروع SCAF المشترك، يبدو أن باريس تُعيد رسم قواعد اللعبة، بعيدًا عن الصخب… وبكثير من الجرأة.

مقاتلة المستقبل.. تطير اليوم

في تصريحات خاصة لموقع «العين الإخبارية»، أكدت مصادر عسكرية فرنسية أن طائرة «رافال F5» تمثل نقلة نوعية في صناعة المقاتلات الأوروبية، مشيرة إلى أنها ليست مجرّد تحديث للنموذج الحالي، بل إعادة تعريف شاملة لقدرات الطائرة القتالية، مع التركيز على تعزيز التكامل بين الإنسان والآلة، والحرب الشبكية.

وأشارت مجلة «أرميه» العسكرية الفرنسية إلى أن النسخة F5 من طائرة داسو الفرنسية تضع فرنسا على أعتاب الجيل السادس من المقاتلات، عبر دمج الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التخفي، والقدرة على قيادة أسراب من الطائرات دون طيار. ورغم أنها لا تزال تُصنف تقنيًا ضمن الجيل 4.5، فإن القدرات التشغيلية التي تُضاف إلى النسخة F5 تضعها في مقدمة ما يُعرف بـ«مقاتلات المستقبل».

عقل «رافال F5».. مقاتلة تفكر داخل شبكة

التحول الجوهري في مقاتلة رافال F5 لا يكمن في هيكلها الخارجي، بل في «عقلها». فبحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ«العين الإخبارية»، يُعاد تصميم نظام القتال بشكل جذري ليشمل قدرات حوسبة عالية، وتحليلاً فوريًا للبيانات الميدانية، ودمجًا مباشرًا لمعلومات أجهزة الاستشعار، إلى جانب القدرة على العمل في بيئة قتالية شبكية مع منصات أخرى، سواء كانت مأهولة أو غير مأهولة.

وتوضح مجلة «أرميه» أن هذه القدرات تعني أن «رافال F5» لم تعد تقاتل كوحدة معزولة، بل كنظام حربي متكامل قادر على التنسيق والمبادرة، وتوجيه نيران الطائرات الأخرى، بل حتى قيادة سرب من الطائرات المسيرة. وهي إحدى أهم ركائز مقاتلات الجيل السادس.

وفي هذا الإطار، كشفت المجلة أن فرنسا تطور بالتوازي «سحابة قتالية» سيادية تضمن أمن البيانات في ميادين القتال المشوشة. وهو ما يعني أن فرنسا لا تنتظر اكتمال مشروع SCAF المشترك مع ألمانيا وإسبانيا، بل تشق طريقها منفردة.

ذكاء اصطناعي يعزز الطيار… لا يستبدله

بعيدًا عن الخطابات المتكررة حول الذكاء الاصطناعي، يذهب التصميم الفرنسي نحو «المساعدة الذكية» لا الاستبدال، إذ سيتولى الذكاء الاصطناعي في F5 مهامًا متقدمة مثل تحليل الوضع التكتيكي، الكشف التلقائي عن التهديدات، ترتيب الأولويات، وإدارة أنظمة الأسلحة، كل ذلك بهدف تخفيف العبء الذهني عن الطيار وتمكينه من اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة.

ومن اللافت، وفق ما تؤكده مصادر خاصة لـ«العين الإخبارية»، أن مقاتلة «رافال F5» صُممت لتعمل بشكل تكاملي مع طائرة «نيورون» المسيرة، في نموذج يقترب من شراكة بشر-آلة: الرافال تُخطط وتوجه، والنيورون تُهاجم أو تستدرج الدفاعات الجوية. وهو نهج مشابه لمفهوم «الأجنحة الوفية» في طائرات F-35 الأمريكية، ولكن بأسلوب فرنسي أقل تكلفة وأكثر مرونة.

المحرك الجديد.. قوة هادئة باسم T-Rex

في قلب هذا المشروع، يعمل المهندسون الفرنسيون على تطوير محرك جديد باسم رمزي هو «T-Rex»، من إنتاج شركة «سافران»، لتلبية متطلبات الرافال F5 المتزايدة. هذا المحرك يتميز بصغر الحجم، وقدرة دفع أعلى، وكفاءة حرارية أفضل، تتيح له دعم المعدات الإلكترونية المتقدمة دون التضحية بالسرعة أو التخفي.

وتفيد المعلومات التي حصلت عليها «العين الإخبارية» بأن المحرك الجديد سيُتيح للطائرة التحليق بسرعات فائقة دون الحاجة إلى الحارق اللاحق، كما سيمنحها قدرة على إدارة الطاقة بكفاءة داخل بيئات معادية مليئة بالتشويش والرصد.

شبحية ذكية بدلًا من الأشكال الزاويّة

قد يرى البعض أن الرافال ليست شبحية بالمعايير التقليدية، وهذا صحيح من حيث التصميم الهيكلي، لكنها تعوّض ذلك من خلال تقنيات الحرب الإلكترونية المتقدمة. فمفهوم التخفي لم يعد مقتصرًا على الزوايا الحادة والطلاء الممتص للرادار، بل يعتمد بشكل متزايد على قدرة الطائرة على «إدارة ظهورها» إلكترونيًا، أو ما يُعرف بالمرونة التخفيّة.

تقول مجلة «أرميه» إن الرافال F5 ستُزود بأنظمة تشويش ذكية، وصواريخ «ميكا NG» المتوافقة مع الحمل المتخفي، إلى جانب تقليص بصمتها الحرارية والرادارية. وبذلك ستكون الطائرة قادرة على الظهور والاختفاء عند الحاجة، وفق العقيدة الفرنسية التي تميل إلى التوازن بين القوة والمرونة.

فرنسا تمضي.. والباقون ينتظرون

في حين تتعثر البرامج المنافسة، تبدو فرنسا وكأنها تسير في خط إنتاج محسوب بدقة. برنامج NGAD الأمريكي رغم قدراته الهائلة يظل باهظ الكلفة وغارقًا في السرية، بينما يواجه المشروع الأوروبي (SCAF/Tempest) خلافات إدارية بين الدول الشريكة.

في المقابل، تؤكد مصادر مطلعة لـ«العين الإخبارية» أن طائرة «رافال F5» ستدخل الخدمة بحلول عام 2030، استنادًا إلى هيكل موجود، ومجرب، وموثوق به. ومع أنها ستحمل أكثر من 80% من المكونات الجديدة مقارنة بطراز F3R، فإنها لا تبدأ من الصفر، ولا تحتاج لإعادة اختراع العجلة.

مقاتلة الجيل السادس.. بقبعة فرنسية

قد لا تُسمى «رافال F5» رسميًا مقاتلة من الجيل السادس، لكنها في الجوهر تُمثّل تجسيدًا مبكرًا لما سيكون عليه هذا الجيل، عبر الذكاء الاصطناعي، والقتال الشبكي، والتكامل مع الدرونز، والاكتفاء الذاتي في الطاقة، والحرب الإلكترونية المتقدمة.

فرنسا لا تطرح مشروعًا نظريًا، بل تقود طائرة المستقبل منذ اليوم… وباللغة الفرنسية.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى