اختبار صامت عابر للقارات.. لماذا أطلقت أمريكا صاروخا باليستيا؟
في استعراض لقدرات الردع النووي الأمريكية، أجرت القوات الجوية اختبارا لصاروخ باليستي عابر للقارات، في وقت مبكر.
تم الإطلاق من قاعدة “فاندنبرغ” الفضائية بكاليفورنيا، وقطع الصاروخ من طراز “مينتمان 3 “مسافة نحو 6,760 كيلومترا قبل أن يسقط في منطقة الاختبار التابعة للجيش الأمريكي بجزر مارشال في المحيط الهادئ.
ورغم أن توقيت الاختبار قد يلفت الأنظار وسط تصاعد التوترات العالمية، أكدت قيادة الفضاء التابعة للقوات الجوية أن العملية تم التخطيط لها مسبقا منذ أشهر، ولا تُعد ردا على أحداث دولية راهنة، بل تدخل ضمن برنامج روتيني لتقييم جاهزية الأنظمة النووية الأمريكية.
جاء الاختبار تحت إشراف قيادة الضربات العالمية، المسؤولة عن إدارة الركيزة البرية من ما يُعرف بـ”الثالوث النووي الأمريكي”، والذي يشمل: صواريخ أرضية مثل “مينتمان3″، صواريخ تُطلق من الغواصات، وقنابل نووية تحملها قاذفات استراتيجية.
وصرّح الجنرال توماس بوسيير، قائد القيادة، قائلاً: “هذا الإطلاق يبرز قوة الردع النووي للأمة، ويؤكد جاهزية العنصر البري في الثالوث النووي، بفضل تفاني الجنود والضباط الذين يشرفون على تشغيل هذه الأنظمة الحساسة”.
والصواريخ الباليستية العابرة للقارات مثل “مينتمان 3″، تعتمد على محركات صاروخية تُخرجها من الغلاف الجوي، لتعود لاحقا إلى الأرض في مسار “بالستي” ، أي سقوط حر دون محركات.
وتستطيع هذه الصواريخ قطع مسافات تتجاوز 5,500 كيلومتر، كما يمكن لبعضها حمل رؤوس حربية متعددة، تُطلق بشكل مستقل نحو أهداف مختلفة، رغم أن ” مينتمان 3 “، لم تعد مزوّدة بمثل هذه الرؤوس منذ عام 2014، التزاما بالمعاهدات الدولية لنزع السلاح النووي.
ومن المقرر استبدال” مينتمان 3″، بصاروخ جديد يُعرف بـ”إل جي إم-35 سينتينيل”، تطوره حاليا شركة نورثروب غرومان، ومن المتوقع دخوله الخدمة في حدود عام 2030.
يأتي ذلك ضمن مساعي تحديث المنظومة النووية الأمريكية لتواكب التحديات التكنولوجية الحديثة، بما فيها تطور المركبات الانزلاقية فرط الصوتية التي تختبرها عدة دول كجزء من سباق تسلح جديد يصعب الدفاع ضده.
من الحرب الباردة إلى الفضاء
والسباق لتطوير الصواريخ العابرة للقارات خلال حفبة الحرب الباردة، حيث بدأ الاتحاد السوفيتي عام 1957، بالصاروخ الذي أطلق القمر الصناعي سبوتنيك، تلاه الرد الأمريكي بصاروخ “أطلس SM-65″، والذي أصبح لاحقا أساسا لبرنامج ميركوري الذي أوصل أوائل رواد الفضاء الأمريكيين إلى المدار.
ورثت هذه التكنولوجيا الصاروخية العسكرية العديد من تطبيقات الفضاء السلمية، مثل صاروخ أطلس-سينتور، الذي ظل في الخدمة لأكثر من 40 عاما، وامتدادها الحديث في صاروخ “أطلس V ” المستخدم حتى اليوم لإطلاق أقمار صناعية ومهمات فضائية.
وهذا النوع من الاختبارات ليس مجرد استعراض عسكري، بل يمثل بيئة معقدة لاختبار دقة الأنظمة الملاحية والتوجيهية، بالإضافة إلى التأكد من أداء الحواسيب الصاروخية ونظم الإطلاق في ظروف واقعية، كما تساعد البيانات التي تُجمع في هذه الاختبارات على تحسين الأنظمة الدفاعية مثل دروع الدفاع الصاروخي.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز