من التشكيك إلى الترويج.. عملة «ترامب كوين» تفقد اهتمام البدايات
في تقاطع بين السياسة والتكنولوجيا، أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عملة مشفّرة تحمل اسم TrumpCoin، في خطوة مثيرة تعكس تحوله الجذري من التشكيك في العملات الرقمية إلى تبنيها والترويج لها.
لكن، رغم الزخم الأولي، يكشف الأداء الاقتصادي لهذه العملة بعد أربعة أشهر عن تراجع حاد في قيمتها، وتساؤلات متزايدة حول الجدوى الاقتصادية لمشروع يُتَّهم باستغلال النفوذ السياسي أكثر مما يستند إلى بنية مالية مستدامة.
انهيار لافت
ووفقًا لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، فإن العملة المعروفة اختصارًا بـ*$TRUMP*، شهدت مسارًا متقلبًا منذ إعلانها عشية تنصيب ترامب لولايته الثانية.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن العملة الرقمية TrumpCoin انطلقت بقوة، وسجلت خلال يومين فقط من إصدارها قيمة سوقية إجمالية بلغت 12 مليار دولار لمليار وحدة متداولة.
ارتفع سعر الوحدة إلى أكثر من 43 دولارًا، مدفوعًا بالحملة الدعائية المكثفة وحصرية الوصول إلى ترامب ذاته، لكنها سرعان ما فقدت جاذبيتها، لتنخفض إلى 11 دولارًا في منتصف مايو/أيار، أي بتراجع يتجاوز 75% من أعلى مستوى بلغته.
وتابعت: “غير أن عشاءً خاصًا أقيم في 22 مايو/أيار داخل أحد نوادي الغولف التابعة لمجموعة ترامب قرب واشنطن أعاد بعض الزخم المؤقت للعملة”.
ووُصف الحدث بأنه “أكثر دعوة حصرية في العالم”، واقتصر على أكبر 220 حاملًا للعملة، مع وعد خاص للعشرين الأوائل بلقاء مباشر مع الرئيس ترامب. قُدم خلال الحفل سمك الهلبوت المقلي وشرائح لحم الفيليه، على مقربة من ملعب غولف فاخر، بحسب الصحيفة الفرنسية.
ولفتت “لوفيغارو” إلى أن الإعلان عن الحدث دفع قيمة $TRUMP للصعود بنسبة 10%، لتصل إلى 15.80 دولار في يوم العشاء، قبل أن تتراجع إلى 14.30 دولار في اليوم التالي، أي بانخفاض 4% خلال 24 ساعة. ورغم ذلك، تبقى هذه الصحوة مؤقتة لعملة فقدت أكثر من 75% من قيمتها منذ الذروة في يناير/كانون الثاني.
لكن الضبابية لا تزال تحيط بمستقبل العملة. فلم يتم تحديد أي استخدام عملي لها، كما أن أكثر من 80% من وحداتها مملوكة لكيانات مرتبطة بمجموعة ترامب، ما يعزز الشكوك بأنها مصممة في الأساس لخدمة مصالح العائلة.
وبما أن العديد من المستثمرين اشتروا وحدات العملة في ذروتها، فإنهم اليوم يجدون أنفسهم عالقين في أصل مالي يصعب بيعه أو الاستفادة منه. بل إن البعض ضخ أموالًا إضافية قبيل العشاء على أمل تحسين ترتيبه ونيل مقعد على طاولة الرئيس.
ويُذكر أن ترامب، الذي كان قد وصف العملات الرقمية في السابق بأنها “احتيال واسع النطاق”، غيّر موقفه بشكل جذري مؤخرًا. ففي أثناء العشاء، وعد بدعم تطوير العملات الرقمية، مشددًا على ضرورة إدخال “قدر من المنطق” لهذا المجال، وهو التوجه الذي تحمس له بعض أفراد عائلته.
لكن في نظر العديد من المحللين، فإن قيمة $TRUMP لا ترتكز على التكنولوجيا، بقدر ما ترتبط بالإمكانية – سواء كانت حقيقية أو رمزية – للوصول إلى ترامب نفسه، وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات شديدة.
وراء هذه الحملة الترويجية، بدأت الانتقادات تتزايد بسبب العائدات الكبيرة التي جنتها الدائرة المقربة من ترامب، والتي يُقدَّر أنها تجاوزت 320 مليون دولار من رسوم التداول، وفقًا لتحليلات شركة Chainanalysis.
ونظرًا لأن معظم وحدات العملة لا تزال بيد كيانات مرتبطة بمجموعة ترامب، فإن تهمة “تحويل النفوذ السياسي إلى أرباح مالية” تأخذ منحى سياسيًا خطيرًا.
في هذا السياق، وجّه عضوا مجلس الشيوخ الديمقراطيان، إليزابيث وارن وآدم شيف، رسالة إلى مكتب الأخلاقيات الحكومية، وهو الهيئة المسؤولة عن مراقبة تضارب المصالح في البيت الأبيض، مطالبين بفتح تحقيق في ما وصفوه بـ”الفساد المشفر”. وهم يشيرون إلى أن العملة الرقمية الخاصة بترامب لا تثير فقط أسئلة حول التمويل، بل تعيد طرح قضية العلاقة الغامضة بين الحملات السياسية والمصالح المالية الشخصية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز