«إم23» واتهامات الكونغو.. رواندا تعلن الانسحاب من «إيكاس»
في تصعيد لافت للأزمة المتفاقمة مع الكونغو، أعلنت رواندا انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس).
الانسحاب جاء على خلفية اتهامات لرواندا بدعم متمردي «حركة 23 مارس (إم 23)» الذين سيطروا مؤخرًا على أجزاء واسعة من شرق الكونغو.
تجميد الرئاسة يشعل الخلاف
قرار كيغالي بالانسحاب جاء عقب امتناع المجموعة عن تسليم رواندا رئاستها الدورية، وهو ما وصفته وزارة الخارجية الرواندية بأنه «خرق واضح للميثاق التأسيسي»، و«استغلال سياسي للتكتل من قبل الكونغو الديمقراطية»، معتبرة أن لا جدوى من البقاء في منظمة «أصبحت أداة بيد خصومها السياسيين».
وكان من المفترض أن تتولى رواندا رئاسة التكتل خلال القمة المنعقدة في غينيا الاستوائية، إلا أن القادة قرروا إبقاء غينيا الاستوائية في المنصب، ما اعتبرته كيغالي قرارًا سياسيًا يكرّس «الإقصاء الإقليمي».
اتهامات متبادلة وأجندات متضاربة
القرار يأتي وسط توتر متصاعد بسبب المعارك الدامية في إقليم كيفو الشرقي، حيث اتهمت الكونغو، مدعومة بتقارير من الأمم المتحدة وقوى غربية، رواندا بدعم مباشر لحركة إم23، وتزويدها بالسلاح والمقاتلين.
وأعلن مكتب الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي أن قادة «إيكاس» أجمعوا على توصيف الممارسات الرواندية بأنها «عدوان واضح»، وطالبوا بانسحاب فوري للقوات الرواندية من الأراضي الكونغولية.
من جانبها، ترفض رواندا هذه الاتهامات وتؤكد أن وجودها العسكري يندرج في إطار «الدفاع عن النفس»، ضد ما تصفه بتهديدات تشكلها مليشيات الهوتو المتحالفة مع الجيش الكونغولي، والتي تتهمها رواندا بالضلوع في الإبادة الجماعية عام 1994.
محاولة لاحتواء الأزمة
في ظل تصاعد التوتر، تسعى عواصم إقليمية ودولية على رأسها واشنطن والدوحة إلى التوسط للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين الجانبين.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب ترى في حل النزاع بين كيغالي وكينشاسا فرصة استراتيجية لإطلاق مشاريع استثمار ضخمة في قطاع المعادن الحيوي، من التنتالوم إلى الليثيوم.
ولا يعكس انسحاب رواندا من «إيكاس» أزمة مع الكونغو فقط، بل يشير إلى خلل بنيوي في آليات التكتلات الأفريقية، التي تعاني من العجز في مواجهة النزاعات بين أعضائها، حيث تتداخل الاعتبارات الأمنية بالقومية وبالتحالفات الدولية.
وفي حين تسعى بعض الدول لتحييد التكتلات عن الخلافات السياسية، يرى مراقبون أن استمرار العجز عن احتواء التوتر بين رواندا والكونغو قد ينسف ما تبقى من الثقة في المنظمات الإقليمية، ويزيد من الانكشاف الأمني في منطقة مشتعلة أصلًا بالصراعات المسلحة والتدخلات الخارجية.
يذكر أن المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا، تأسست في الثمانينيات لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي. وفي ظل التحديات المتصاعدة، تبدو الحاجة إلى إصلاحات عميقة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ليس فقط للحفاظ على وحدة التكتل، بل لتفادي انفجار إقليمي قد تتسع دائرته في قلب القارة السمراء.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز